responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 138
عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ وَالَّذِي يُحَقِّقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ [النِّسَاءِ: 101] وَالْقَصْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاجِبٌ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ فَكَذَا هَاهُنَا. الثَّانِي: أَنَّهُ رَفَعَ الْجُنَاحَ عَنِ الطَّوَافِ بِهِمَا لَا عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، وَعِنْدَنَا الْأَوَّلُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَإِنَّمَا الثَّانِي هُوَ الْوَاجِبُ. الثَّالِثُ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ عَلَى الصَّفَا صَنَمٌ وَعَلَى الْمَرْوَةِ صَنَمٌ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بِهِمَا وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِمَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا لِأَجْلِ الصَّنَمَيْنِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ انْصَرَفَتِ الْإِبَاحَةُ إِلَى وُجُودِ الصَّنَمَيْنِ حَالَ الطَّوَافِ لَا إِلَى نَفْسِ الطَّوَافِ كما لو كان في الثواب نَجَاسَةٌ يَسِيرَةٌ عِنْدَكُمْ، أَوْ دَمُ الْبَرَاغِيثِ عِنْدَنَا، فَقِيلَ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ، فَإِنَّ رَفْعَ الْجُنَاحِ يَنْصَرِفُ إِلَى مَكَانِ النَّجَاسَةِ لَا إِلَى نَفْسِ الصَّلَاةِ. الرَّابِعُ: رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ: إِنِّي أَرَى أَنْ لَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي أَنْ لَا أَطُوفَ بِهِمَا، فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ: أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، ثُمَّ حَكَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الصَّنَمَيْنِ، وَتَفْسِيرُ عَائِشَةَ راجع عَلَى تَفْسِيرِ التَّابِعِينَ، فَإِنْ قَالُوا: قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا) وَاللَّفْظُ أَيْضًا مُحْتَمِلٌ لَهُ كَقَوْلِهِ: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [النِّسَاءِ: 176] أَيْ أَنْ لَا تَضِلُّوا، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ [الْأَعْرَافِ: 172] مَعْنَاهُ: أَنْ لَا تَقُولُوا، قُلْنَا: الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ تَصْحِيحَهَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْقُرْآنِ مُتَوَاتِرًا. الْخَامِسُ: كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ، فَكَذَلِكَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْدُوبِ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ السَّعْيَ مَنْدُوبٌ، فَقَدْ صَارَتِ الْآيَةُ مَتْرُوكَةَ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهَا.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَضَعِيفٌ، لِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّطَوُّعِ هُوَ الطَّوَافُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ [الْبَقَرَةِ: 184] ثُمَّ قَالَ: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة: 184] فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الطَّعَامَ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ إِلَى التَّطَوُّعِ بِالْخَيْرِ فَكَانَ الْمَعْنَى: فَمَنْ تَطَوَّعَ وَزَادَ عَلَى طَعَامِ مِسْكِينٍ كَانَ خَيْرًا، فَكَذَا هَاهُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّطَوُّعُ مَصْرُوفًا إِلَى شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَزِيدُ فِي الطَّوَافِ فَيَطُوفُ أَكْثَرَ مِنَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ مِثْلَ أَنْ يَطُوفَ ثَمَانِيَةً أَوْ أَكْثَرَ. الثَّانِي: أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ حَجِّ الْفَرْضِ وَعُمْرَتِهِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى طَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَطَوُّعًا وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي تَمَسَّكُوا بِهِ فَنَقُولُ: ذَلِكَ الْحَدِيثُ عَامٌّ وَحَدِيثُنَا خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَعَاصِمٍ وَالْكِسَائِيِّ (يَطَّوَّعْ) بِالْيَاءِ وَجَزْمِ الْعَيْنِ، وَتَقْدِيرُهُ: يَتَطَوَّعُ، إِلَّا أَنَّ التَّاءَ أُدْغِمَتْ فِي الطَّاءِ لِتَقَارُبِهِمَا، وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَالشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ الْأَحْسَنُ فِيهِمَا الِاسْتِقْبَالُ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَنْ أَتَانِي أَكْرَمْتُهُ فَيُوقِعُ الْمَاضِي مَوْقِعَ الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْجَزَاءِ، إِلَّا أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا كَانَ يُوَافِقُ الْمَعْنَى كَانَ أَحْسَنَ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ مِنَ الْقُرَّاءِ فَقَرَءُوا تَطَوَّعَ عَلَى وَزْنِ تَفَعَّلَ مَاضِيًا وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ تَطَوَّعَ جَزْمًا. الثَّانِي: أَنْ لَا يُجْعَلَ (مِنْ) لِلْجَزَاءِ، وَلَكِنْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ (الَّذِي) وَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَالْفَاءُ مَعَ مَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ لِكَوْنِهَا خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ الْمَوْصُولِ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَعْنَى مُبْتَدَأِ الْخَبَرِ، إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْفَاءَ إِذَا دَخَلَتْ فِي خَبَرِ الْمَوْصُولِ أَوِ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ، أَفَادَتْ أَنَّ الثَّانِيَ إِنَّمَا وَجَبَ لِوُجُوبِ الْأَوَّلِ كَقَوْلِهِ: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النَّحْلِ: 53] فَمَا مُبْتَدَأٌ مَوْصُولٌ، وَالْفَاءُ مَعَ مَا بَعْدَهَا خَبَرٌ لَهُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: الَّذِينَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست