responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 616
أَحَدًا مِنَ الْكَافِرِينَ فَنَقَضُوا ذَلِكَ وَأَعَانُوا عَلَيْهِ قُرَيْشًا يَوْمَ الْخَنْدَقِ، قَالَ الْقَاضِي: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَمْ يَمْتَنِعْ دُخُولُهُ تَحْتَ الْآيَةِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ قَصْرُ الْآيَةِ عَلَيْهِ بَلِ الْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ كُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَحَمْلُهُ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ الْكُتُبُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالدَّلَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ مِنْ صِحَّةِ الْقَوْلِ وَنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَى.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِنَّمَا قَالَ: نَبَذَهُ فَرِيقٌ لِأَنَّ فِي جُمْلَةِ مَنْ عَاهَدَ مَنْ آمَنَ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُؤْمِنَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ صِفَةَ جَمِيعِهِمْ خَصَّ الْفَرِيقَ بِالذِّكْرِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْفَرِيقَ هُمُ الْأَقَلُّونَ بَيَّنَ أَنَّهُمُ الْأَكْثَرُونَ فَقَالَ: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَفِيهِ قَوْلَانِ، الْأَوَّلُ: أَكْثَرُ أُولَئِكَ الْفُسَّاقِ لَا يُصَدِّقُونَ بِكَ أَبَدًا لِحَسَدِهِمْ وَبَغْيِهِمْ، وَالثَّانِي: لَا يُؤْمِنُونَ: أَيْ لَا يُصَدِّقُونَ بِكِتَابِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي قَوْمِهِمْ كَالْمُنَافِقِينَ مَعَ الرَّسُولِ يُظْهِرُونَ لَهُمُ الْإِيمَانَ بِكِتَابِهِمْ ورسولهم ثم لا يعملون بموجبه ومقتضاه.

[سورة البقرة (2) : آية 101]
وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)
اعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الرَّسُولِ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ هُوَ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَرِفًا بِنُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِصِحَّةِ التَّوْرَاةِ أَوْ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّ التَّوْرَاةَ بَشَّرَتْ بِمَقْدِمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَتَى مُحَمَّدٌ كَانَ مُجَرَّدُ مَجِيئِهِ مُصَدِّقًا لِلتَّوْرَاةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: نَبَذَ فَرِيقٌ فَهُوَ مَثَلٌ لِتَرْكِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا يُرْمَى بِهِ وَرَاءَ الظَّهْرِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ وَقِلَّةَ الْتِفَاتٍ إِلَيْهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ فَفِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِمَّنْ أُوتِيَ عِلْمَ الْكِتَابِ مَنْ يَدْرُسُهُ وَيَحْفَظُهُ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: الدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذَا الفريق بالعلم/ عند قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، الثَّانِي: الْمُرَادُ مَنْ يَدَّعِي التَّمَسُّكَ بِالْكِتَابِ سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ، وَهَذَا كَوَصْفِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ لَا يُرَادُ بِذَلِكَ مَنْ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَةِ عُلُومِهِ، بَلِ الْمُرَادُ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيَتَمَسَّكُ بِمُوجَبِهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ فَقِيلَ: إِنَّهُ التَّوْرَاةُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الْقُرْآنُ، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِوَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنَّ النَّبْذَ لَا يُعْقَلُ إِلَّا فِيمَا تَمَسَّكُوا بِهِ أَوَّلًا وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ لَا يُقَالُ إِنَّهُمْ نَبَذُوهُ، الثَّانِي:
أَنَّهُ قَالَ: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الْفَرِيقِ مَعْنًى لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ بِالْقُرْآنِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ نَبْذُهُمُ التَّوْرَاةَ وَهُمْ يَتَمَسَّكُونَ بِهِ؟ قُلْنَا: إِذَا كَانَ يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّعْتِ وَالصِّفَةِ وَفِيهِ وُجُوبُ الْإِيمَانِ ثُمَّ عَدَلُوا عَنْهُ كَانُوا نَابِذِينَ لِلتَّوْرَاةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَدَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ نَبَذُوهُ عَنْ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَنْ يَعْلَمُ، فَدَلَّتِ الْآيَةُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرِيقَ كَانُوا عَالِمِينَ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ جَحَدُوا مَا يَعْلَمُونَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْجَمْعَ الْعَظِيمَ لَا يَصِحُّ الْجَحْدُ عَلَيْهِمْ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّ أُولَئِكَ الْجَاحِدِينَ كَانُوا فِي الْقِلَّةِ بحيث تجوز المكابرة عليهم.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 616
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست