responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 617
[سورة البقرة (2) : آية 102]
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ قَبَائِحِ أَفْعَالِهِمْ وَهُوَ اشْتِغَالُهُمْ بِالسِّحْرِ وَإِقْبَالُهُمْ عَلَيْهِ وَدُعَاؤُهُمُ النَّاسَ إِلَيْهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّبَعُوا حِكَايَةٌ عَمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُمُ الْيَهُودُ، ثُمَّ فِيهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا: أَنَّهُمُ الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَانِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَثَانِيهَا: أَنَّهُمُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا مِنَ الْيَهُودِ، وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ السَّحَرَةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْيَهُودِ يُنْكِرُونَ نُبُوَّةَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَعُدُّونَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُلُوكِ فِي الدُّنْيَا، فَالَّذِينَ كَانُوا مِنْهُمْ فِي زَمَانِهِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَعْتَقِدُوا فِيهِ أَنَّهُ إِنَّمَا وُجِدَ ذَلِكَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ بِسَبَبِ السِّحْرِ، وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرْفُ اللَّفْظِ إِلَى الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى غَيْرِهِ، إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَى التَّخْصِيصِ. قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَارَضُوهُ بِالتَّوْرَاةِ فَخَاصَمُوهُ بِهَا فَاتَّفَقَتِ التَّوْرَاةُ وَالْقُرْآنُ فَنَبَذُوا التَّوْرَاةَ وَأَخَذُوا بِكِتَابِ آصِفَ وَسِحْرِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ فَلَمْ يُوَافِقِ الْقُرْآنَ، فَهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ [البقرة: 101] ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا كُتُبَ السِّحْرِ.
المسألة الثانية: ذكروا في تفسير: تَتْلُوا وُجُوهًا، أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ التِّلَاوَةُ وَالْإِخْبَارُ، وَثَانِيهَا: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ (تَتْلُوا) أَيْ تَكْذِبُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ. يُقَالُ: تَلَا عَلَيْهِ إِذَا كَذَبَ وَتَلَا عَنْهُ، إِذَا صَدَقَ وَإِذَا أَبْهَمَ جَازَ الْأَمْرَانِ. وَالْأَقْرَبُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْخَبَرِ، إِلَّا أَنَّ الْمُخْبِرَ يُقَالُ فِي خَبَرِهِ إِذَا كَانَ كَذِبًا إِنَّهُ تَلَا فُلَانٌ وَإِنَّهُ قَدْ تَلَا عَلَى فُلَانٍ لِيَمِيزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدْقِ الَّذِي لَا يُقَالُ فِيهِ، روي عن فُلَانٍ، بَلْ يُقَالُ: رَوَى عَنْ فُلَانٍ وَأَخْبَرَ عَنْ فُلَانٍ وَتَلَا عَنْ فُلَانٍ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْأَخْبَارِ وَالتِّلَاوَةِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانُوا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ مِمَّا يُتْلَى وَيُقْرَأُ فَيَجْتَمِعُ فِيهِ كُلُّ الْأَوْصَافِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الشَّيَاطِينِ فَقِيلَ: الْمُرَادُ شَيَاطِينُ الْجِنِّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ: شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقِيلَ: هُمْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ مَعًا. أَمَّا الَّذِينَ حَمَلُوهُ عَلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ قَالُوا: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانُوا يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ ثُمَّ يَضُمُّونَ إِلَى مَا سَمِعُوا أَكَاذِيبَ يُلَفِّقُونَهَا وَيُلْقُونَهَا إِلَى الْكَهَنَةِ، وَقَدْ دَوَّنُوهَا فِي كُتُبٍ يَقْرَءُونَهَا وَيُعَلِّمُونَهَا النَّاسَ وَفَشَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى قَالُوا: إِنَّ الْجِنَّ تَعْلَمُ الْغَيْبَ وَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا عِلْمُ سُلَيْمَانَ وَمَا تَمَّ لَهُ مُلْكُهُ إِلَّا بِهَذَا الْعِلْمِ وَبِهِ يُسَخِّرُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالرِّيحَ الَّتِي تَجْرِي بِأَمْرِهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ حَمَلُوهُ عَلَى شَيَاطِينِ الْإِنْسِ قَالُوا:
رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ دَفَنَ كَثِيرًا مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا تَحْتَ سَرِيرِ مُلْكِهِ حِرْصًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ الظَّاهِرُ مِنْهَا يَبْقَى ذَلِكَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 617
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست