responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 602
أَنْوَاعٍ مِنَ الْغَضَبِ مُتَرَادِفَةٍ لِأَجْلِ أُمُورٍ مُتَرَادِفَةٍ صَدَرَتْ عَنْهُمْ نَحْوَ قَوْلِهِمْ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ [التَّوْبَةِ: 30] . يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [الْمَائِدَةِ: 64] . إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [آلِ عِمْرَانَ: 181] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ كُفْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَأْكِيدُ الْغَضَبِ وَتَكْثِيرُهُ لِأَجْلِ أَنَّ هَذَا الْكُفْرَ وَإِنْ كان واحداً إلا أنه عظم، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ. الرَّابِعُ: الْأَوَّلُ بِعِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ وَالثَّانِي بِكِتْمَانِهِمْ صِفَةَ مُحَمَّدٍ وَجَحْدِهِمْ نُبُوَّتَهُ عَنِ السُّدِّيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْغَضَبُ عِبَارَةٌ عَنِ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ فِي مِزَاجِهِ عِنْدَ غَلَيَانِ دَمِ قَلْبِهِ بِسَبَبِ مُشَاهَدَةِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ وَذَلِكَ مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إِرَادَتِهِ لِمَنْ عَصَاهُ الْإِضْرَارَ مِنْ جِهَةِ اللَّعْنِ وَالْأَمْرَ بِذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَصِحُّ وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْغَضَبِ وَأَنَّ غَضَبَهُ يَتَزَايَدُ ويكثر ويصح فيه ذلك كصحته من الْعَذَابِ فَلَا يَكُونُ غَضَبُهُ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَغَضَبِهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِخِصَالٍ كَثِيرَةٍ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ لَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ الْأُولَى يَدْخُلُ فِيهَا أُولَئِكَ الْكُفَّارُ وَغَيْرُهُمْ وَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَدْخُلُ فِيهَا إِلَّا هُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْعَذَابُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَكُونُ مُهِينًا لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَهَانَ غَيْرَهُ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى إِلَّا فِيمَا يَعْقِلُ، فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُهِينُ لِلْمُعَذَّبِينَ بِالْعَذَابِ الْكَثِيرِ إِلَّا أَنَّ الْإِهَانَةَ لَمَّا/ حَصَلَتْ مَعَ الْعَذَابِ جَازَ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ، فَإِنْ قِيلَ: الْعَذَابُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْإِهَانَةِ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي هَذَا الْوَصْفِ؟ قُلْنَا: كَوْنُ الْعَذَابِ مَقْرُونًا بِالْإِهَانَةِ أَمْرٌ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الدَّلِيلِ، فَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ ذَلِكَ لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ قَوْمٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا عَذَابَ إِلَّا لِلْكَافِرِينَ، ثُمَّ بَعْدَ تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: الْخَوَارِجُ قَالُوا: ثَبَتَ بِسَائِرِ الْآيَاتِ أَنَّ الْفَاسِقَ يُعَذَّبُ، وَثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ إِلَّا الْكَافِرُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ الْفَاسِقُ كَافِرٌ. وَثَانِيهَا: الْمُرْجِئَةُ قَالُوا: ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ إِلَّا الْكَافِرُ وَثَبَتَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ بِكَافِرٍ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ وَفَسَادُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لَا يَخْفَى [1] .

[سورة البقرة (2) : آية 91]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ أَيْضًا مِنْ قَبَائِحِ أَفْعَالِهِمْ: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ يَعْنِي به اليهود: آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ أَيْ بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَالْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي تُفِيدُ الْعُمُومَ، قَالُوا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ بِأَنْ يُؤْمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَلَمَّا آمَنُوا بِالْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ ذَمَّهُمْ عَلَى ذلك ولولا أن لفظة «ما» تفيد

[1] وعندنا أن وصف العذاب الواقع بالكافر بأنه مهين يدل على أن العذاب غير المهين ليس للكافرين. ولما كان الأصل في المطيع أنه لا يعذب فحينئذ يكون العذاب غير المهين لصاحب المرتبة الوسطى وهو الفاسق لأن مرتبته دون المطيع وفوق الكافر.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 602
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست