responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 461
الْبَاقُونَ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَما نَزَلَ، مُشَدَّدَةً، وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ مُرْتَفِعَةَ النُّونِ مَكْسُورَةَ الزَّايِ، وَالتَّقْدِيرُ فِي الْقِرَاءَةِ الْأُولَى: أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّه وَلِمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ، وَفِي الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ وَلِمَا نَزَّلَهُ اللَّه مِنَ الْحَقِّ، وَفِي الْقِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ وَلِمَا نُزِّلَ مِنَ الْحَقِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَقِّ هُوَ الْقُرْآنَ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِلْوَصْفَيْنِ الذِّكْرِ وَالْمَوْعِظَةِ وَأَنَّهُ حَقٌّ نَازِلٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الذِّكْرِ هُوَ ذِكْرَ اللَّه مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ هُوَ الْقُرْآنَ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْخُشُوعُ بِالذِّكْرِ عَلَى الْخُشُوعِ بِمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ الْخُشُوعَ وَالْخَوْفَ وَالْخَشْيَةَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّه، فَأَمَّا حُصُولُهَا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ فَذَاكَ لِأَجْلِ اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى ذِكْرِ اللَّه، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلا يَكُونُوا قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مَعْنَاهُ: أَلَمْ يَأْنِ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ، وَأَنْ لَا يَكُونُوا، قَالَ: وَلَوْ كَانَ جَزْمًا عَلَى النَّهْيِ كَانَ صَوَابًا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ، ثُمَّ قَالَ: كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ يُرِيدُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى: فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ طُولِ الْأَمَدِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: طَالَتِ الْمُدَّةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِمْ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَثَانِيهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَالُوا إِلَى الدُّنْيَا وَأَعْرَضُوا عَنْ مَوَاعِظِ اللَّه وَثَالِثُهَا: طَالَتْ أَعْمَارُهُمْ فِي الْغَفْلَةِ فَحَصَلَتِ الْقَسْوَةُ فِي قُلُوبِهِمْ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَرَابِعُهَا: قَالَ: / ابن حبان: الأمد هاهنا الْأَمَلُ الْبَعِيدُ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ بِطُولِ الْأَمَلِ، أَيْ لَمَّا طَالَتْ آمَالُهُمْ لَا جَرَمَ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَخَامِسُهَا: قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: طَالَ عَلَيْهِمْ أَمَدُ خُرُوجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَادِسُهَا: طَالَ عَهْدُهُمْ بِسَمَاعِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَزَالَ وَقْعُهُمَا عَنْ قُلُوبِهِمْ فَلَا جَرَمَ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، قَالَهُ الْقُرَظِيُّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قُرِئَ (الْأَمَدُّ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيِ الْوَقْتُ الْأَطْوَلُ، ثُمَّ قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ أَيْ خَارِجُونَ عَنْ دِينِهِمْ رَافِضُونَ لِمَا فِي الْكِتَابَيْنِ، وَكَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عَدَمَ الْخُشُوعِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يفضي إلى الفسق في آخر الأمر. ثم قال تعالى:

[سورة الحديد (57) : آية 17]
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)
وفيه ووجهان الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَمْثِيلٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقُلُوبَ الَّتِي مَاتَتْ بِسَبَبِ الْقَسَاوَةِ، فَالْمُوَاظَبَةُ عَلَى الذِّكْرِ سَبَبٌ لِعَوْدِ حَيَاةِ الْخُشُوعِ إِلَيْهَا كَمَا يُحْيِي اللَّه الْأَرْضَ بِالْغَيْثِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها بَعَثَ الْأَمْوَاتَ فَذَكَرَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَزَجْرًا عَنِ الْقَسَاوَةِ. ثم قال تعالى:

[سورة الحديد (57) : آية 18]
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ فِيهِمَا، فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى يَكُونُ مَعْنَى الْمُصَدِّقِ الْمُؤْمِنَ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات لِأَنَّ إِقْرَاضَ اللَّه مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، ثُمَّ قَالُوا: وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ للَّه وَأَقْرَضَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَعْدِ، فَيَصِيرُ ظَاهِرُ الْآيَةِ مَتْرُوكًا عَلَى قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ، وَلَا يَصِيرُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 461
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست