responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 460
كَالْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ، فَيَكُونُ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عَبَثًا، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي كَذِبًا، وَأَمَّا نَحْنُ فَقَدَ بَيَّنَّا بِالدَّلِيلِ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْنًى لَا تَفْسِيرٌ، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ، وَفِي الْآيَةِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ:
هِيَ مَوْلاكُمْ أَيْ لَا مَوْلَى لَكُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ كَانَتِ النَّارُ مَوْلَاهُ فَلَا مَوْلَى لَهُ، كَمَا يُقَالُ: نَاصِرُهُ الْخِذْلَانُ وَمُعِينُهُ الْبُكَاءُ، أَيْ لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا مُعِينَ، وَهَذَا الْوَجْهُ مُتَأَكِّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّ الْكافِرِينَ لَا مَوْلى لَهُمْ [مُحَمَّدٍ: 11] وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف: 29] . ثم قال تعالى:

[سورة الحديد (57) : آية 16]
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (16)
[في قوله تَعَالَى أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ] وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ الْحَسَنُ: (أَلَمَّا يَأْنِ) ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَصْلُ لَمَّا لَمْ، ثم زيد عليها ما فلم نَفْيٌ لِقَوْلِهِ أَفْعَلُ، وَلَمَّا نَفْيٌ لِقَوْلِهِ قَدْ يَفْعَلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا زِيدَ فِي الْإِثْبَاتِ قَدْ لَا جَرَمَ زِيدَ فِي نَفْيِهِ مَا، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا رَكَّبُوا لَمْ مَعَ مَا حَدَثَ لَهَا مَعْنًى وَلَفْظٌ، أَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّهَا صَارَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ظَرْفًا، فَقَالُوا: لَمَّا قُمْتَ قَامَ زَيْدٌ، أَيْ وَقْتَ قِيَامِكَ قَامَ زَيْدٌ، وَأَمَّا اللَّفْظُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقِفَ عَلَيْهَا دُونَ مَجْزُومِهَا، فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: جِئْتُ ولما، أي ولما يجيء، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: جِئْتُ وَلَمْ.
وَأَمَّا الذين قرءوا: أَلَمْ يَأْنِ فَالْمَشْهُورُ أَلَمْ يَأْنِ مِنْ أَنَى الأمر يأني إذا جاء إناء أتاه أَيْ وَقْتُهُ. وَقُرِئَ:
(أَلَمْ يَئِنْ) ، مِنْ أَنَّ يَئِينُ بِمَعْنَى أَنَى يَأْنِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَفِي قُلُوبِهِمُ النِّفَاقُ الْمُبَايِنُ لِلْخُشُوعِ، وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ لَعَلَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا مَعَ خُشُوعِ الْقَلْبِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ تَعَالَى ذَلِكَ إِلَّا لِمَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ، / لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَكُونُ لَهُ خُشُوعٌ وَخَشْيَةٌ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَحْتَمِلُ الْآيَةُ وُجُوهًا أَحَدُهَا: لَعَلَّ طَائِفَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ فِيهِمْ مَزِيدُ خُشُوعٍ وَلَا رِقَّةٍ، فَحُثُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَثَانِيهَا: لَعَلَّ قَوْمًا كَانَ فِيهِمْ خُشُوعٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ زَالَ مِنْهُمْ شِدَّةُ ذَلِكَ الْخُشُوعِ فَحُثُّوا عَلَى الْمُعَاوَدَةِ إِلَيْهَا، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: إِنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ أَصَابُوا لِينًا فِي الْعَيْشِ وَرَفَاهِيَةً، فَفَتَرُوا عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فَعُوتِبُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قُرِئَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَبَكَوْا بُكَاءً شَدِيدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: هَكَذَا كُنَّا حَتَّى قَسَتِ الْقُلُوبُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لِذِكْرِ اللَّهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ، أَمَا حَانَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَرِقَّ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّه، أَيْ مَوَاعِظِ اللَّه الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْقُرْآنِ، وَعَلَى هَذَا الذِّكْرُ مُصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الذِّكْرَ مُضَافٌ إِلَى المفعول، والمعنى لذكر هم اللَّه، أَيْ يَجِبُ أَنْ يُورِثَهُمُ الذِّكْرُ خُشُوعًا، وَلَا يَكُونُوا كَمَنْ ذِكْرُهُ بِالْغَفْلَةِ فَلَا يَخْشَعُ قَلْبُهُ لِلذِّكْرِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: (مَا) فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِالْعَطْفِ عَلَى الذِّكْرِ وَهُوَ مَوْصُولٌ، وَالْعَائِدُ إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ عَلَى تَقْدِيرِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ يَعْنِي الْقُرْآنَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَرَأَ نَافِعٌ وَحَفْصٌ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ، وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ خَفِيفَةً، وَقَرَأَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست