responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 274
مُتَابَعَةِ أَحَدٍ فِيمَا رَآهُ، لِأَنَّ الْهَادِيَ يَهْدِي إِلَى الطَّرِيقِ فَإِذَا رَأَى الْمُهْتَدِي مَقْصِدَهُ بِعَيْنِهِ لَا يَنْفِيهِ السَّمَاعُ، فَقَالَ تَعَالَى: هَلْ عَلِمَ الْغَيْبَ بِحَيْثُ رَآهُ فَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ عِلْمًا نَظَرِيًّا بَلْ عِلْمًا بَصَرِيًّا فَعَصَى فَتَوَلَّى وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَهُوَ يَرى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ يَرى هُوَ احْتِمَالُ الْوَاحِدِ وِزْرَ الْآخَرِ كَأَنَّهُ قَالَ فَهُوَ يَرَى أَنَّ وِزْرَهُ مَحْمُولٌ أَلَمْ يَسْمَعْ أَنَّ وِزْرَهُ غَيْرُ مَحْمُولٍ فَهُوَ عَالِمٌ بِالْحِمْلِ وَغَافِلٌ عَنْ عَدَمِ الْحِمْلِ لِيَكُونَ مَعْذُورًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَفْعُولٌ تَقْدِيرُهُ فَهُوَ يَرَى رَأْيَ نَظَرٍ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى هاد ونذير.

[سورة النجم (53) : الآيات 36 الى 39]
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (36) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ مَا سَعى (39)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى حَالٌ أُخْرَى مُضَادَّةٌ لِلْأُولَى يُعْذَرُ فِيهَا الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْجَهْلُ الْمُطْلَقُ فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ الشَّيْءَ عِلْمًا تَامًّا لَا يُؤْمَرُ بِتَعَلُّمِهِ، وَالَّذِي جَهِلَهُ جَهْلًا مُطْلَقًا وَهُوَ الْغَافِلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَالنَّائِمِ أَيْضًا لَا يُؤْمَرُ فَقَالَ: هَذَا الْمُتَوَلِّي هَلْ عَلِمَ الْكُلَّ فَجَازَ لَهُ التَّوَلِّي/ أَوَلَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا وَمَا بَلَغَهُ دَعْوَةٌ أَصْلًا فَيُعْذَرُ، وَلَا وَاحِدٌ مِنَ الْأَمْرَيْنِ بِكَائِنٍ فَهُوَ فِي التَّوَلِّي غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: بِما فِي يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا فِيهَا لَا بِصِفَةِ كَوْنِهِ فِيهَا، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِالتَّوْحِيدِ وَالْحَشْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ أُمُورٌ مَذْكُورَةٌ فِي صُحُفِ موسى، مثاله:
يَقُولُ الْقَائِلُ لِمَنْ تَوَضَّأَ بِغَيْرِ الْمَاءِ تَوَضَّأْ بِمَا تَوَضَّأَ بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى هَذَا فَالْكَلَامُ مَعَ الْكُلِّ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ نَبَّأَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي الصُّحُفِ مَعَ كَوْنِهِ فِيهَا، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمِثَالِ تَوَضَّأْ بِمَا فِي الْقِرْبَةِ لَا بِمَا فِي الْجَرَّةِ فَيُرِيدُ عَيْنَ ذَلِكَ لَا جِنْسَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْكَلَامُ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ نَبَّئُوا بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: صُحُفُ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ، هَلْ جَمَعَهَا لِكَوْنِهَا صُحُفًا كَثِيرَةً أَوْ لِكَوْنِهَا مُضَافَةً إِلَى اثْنَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التَّحْرِيمِ: 4] ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَخَذَ الْأَلْواحَ [الْأَعْرَافِ: 154] وَقَالَ تَعَالَى: وَأَلْقَى الْأَلْواحَ [الْأَعْرَافِ: 150] وَكُلُّ لَوْحٍ صَحِيفَةٌ.
المسألة الثالثة: ما المراد بالذي فِيهَا؟ نَقُولُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ أَنَّ بِالْفَتْحِ وَعَلَى قِرَاءَةِ مَنْ يَكْسِرُ وَيَقُولُ: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [النَّجْمِ: 42] ففيه وجوه أحدها: هو ما ذكره بقوله: أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا احْتَمَلَ غَيْرَهُ، لِأَنَّ صُحُفَ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ لَيْسَ فِيهَا هَذَا فَقَطْ، وَلَيْسَ هَذَا مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْفَتْحِ، فَإِنَّ فِيهَا تَكُونُ جَمِيعُ الْأُصُولِ عَلَى مَا بُيِّنَ ثَانِيهَا: هُوَ أَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الْأُولَى يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى [الْأَعْلَى: 18، 19] ثَالِثُهَا: أُصُولُ الدِّينِ كُلُّهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْكُتُبِ بِأَسْرِهَا، وَلَمْ يُخْلِ اللَّهُ كِتَابًا عَنْهَا، وَلِهَذَا قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الْأَنْعَامِ: 90] وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْفُرُوعِ، لِأَنَّ فُرُوعَ دِينِهِ مُغَايِرَةٌ لِفُرُوعِ دِينِهِمْ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست