responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 273
[النَّجْمِ: 29] وَكَانَ التَّوَلِّي مِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِهِ تَوَلِّي الْمُسْتَغْنِي، فَإِنَّ الْعَالِمَ بِالشَّيْءِ لَا يَحْضُرُ مَجَالِسَ ذِكْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيَسْعَى فِي تَحْصِيلِ غَيْرِهِ، فَقَالَ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى عَنِ اسْتِغْنَاءٍ، أَعَلِمَ بِالْغَيْبِ؟.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْفَاءُ تَقْتَضِي كَلَامًا يَتَرَتَّبُ هَذَا عَلَيْهِ، فَمَاذَا هُوَ؟ نَقُولُ: هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِ عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَوَعْدِهِ الْمُسِيءَ وَالْمُحْسِنَ بِالْجَزَاءِ وَتَقْدِيرُهُ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْجَزَاءَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ عَلَى الْإِسَاءَةِ وَالْإِحْسَانِ، وَأَنَّ الْمُحْسِنَ هُوَ الَّذِي يَجْتَنِبُ كَبَائِرَ الْإِثْمِ، فَلَمْ يَكُنِ الْإِنْسَانُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ سَمَاعِ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعِهِ، فَبَعْدَ هَذَا مَنْ تَوَلَّى لَا يَكُونُ تَوَلِّيهِ إِلَّا بَعْدَ غَايَةِ الْحَاجَةِ وَنِهَايَةِ الِافْتِقَارِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الَّذِي عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ، وَهُوَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَهُوَ الْوَلِيدُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى مَذْكُورٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مِنْ قَبْلُ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَهُوَ الْمَعْلُومُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعْرَاضِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِوَاحِدٍ مِنَ الْمُعَانِدِينَ فَقَالَ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى أَيِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ، فَإِنْ قِيلَ:
كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الَّذِينَ تَوَلَّوْا، لِأَنَّ (من) في قوله: عَنْ مَنْ تَوَلَّى لِلْعُمُومِ؟ نَقُولُ: الْعَوْدُ إِلَى اللَّفْظِ كَثِيرٌ شَائِعٌ قال تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ [القصص: 84] وَلَمْ يَقُلْ فَلَهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعْطى قَلِيلًا مَا الْمُرَادُ مِنْهُ؟ نَقُولُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ هُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْوَلِيدُ، وَقَوْلُهُ: وَأَكْدى هُوَ مَا أَمْسَكَ عَنْهُ وَلَمْ يُعْطِ الْكُلَّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْإِكْدَاءَ لَا يَكُونُ مَذْمُومًا لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَالِامْتِنَاعُ لَا يُذَمُّ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَلَا يَبْقَى لِقَوْلِهِ قَلِيلًا فَائِدَةٌ، لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ حِينَئِذٍ نَفْسَهُ يَكُونُ مَذْمُومًا، نَقُولُ فِيهِ بَيَانُ خُرُوجِهِمْ عَنِ الْعَقْلِ وَالْعُرْفِ/ أَمَّا الْعَقْلُ فَلِأَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الْإِعْطَاءِ لِأَجْلِ حَمْلِ الْوِزْرِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ، وَأَمَّا الْعُرْفُ فَلِأَنَّ عَادَةَ الْكِرَامِ مِنَ الْعَرَبِ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ، وَهُوَ لَمْ يَفِ بِهِ حَيْثُ الْتَزَمَ الْإِعْطَاءَ وَامْتَنَعَ، وَالَّذِي يَلِيقُ بِمَا ذَكَرْنَا هُوَ أَنْ نَقُولَ: تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، يَعْنِي إِعْطَاءَ مَا وَجَبَ إِعْطَاؤُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَجِبُ لِإِصْلَاحِ أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَيَقَعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [النَّجْمِ: 30] أَيْ لَمْ يَعْلَمِ الْغَيْبَ وَمَا فِي الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [النَّجْمِ: 36- 38] فِي مُقَابَلَةِ قوله: هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ إلى قوله: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا [النَّجْمِ: 30، 31] لِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ جَمِيعًا لِبَيَانِ الْجَزَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ حَالَ الْمُشْرِكِينَ الْمُعَانِدِينَ الْعَابِدِينَ لِلَّاتِ وَالْعُزَّى وَالْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أهل الكتاب، وقال بعد ما رَأَيْتَ حَالَ الْمُشْرِكِ الَّذِي تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا، أَفَرَأَيْتَ حَالَ مَنْ تَوَلَّى وَلَهُ كِتَابٌ وَأَعْطَى قَلِيلًا مِنَ الزَّمَانِ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمَّا بَلَغَ زَمَانَ مُحَمَّدٍ أَكْدَى فَهَلْ عَلِمَ الْغَيْبَ فَقَالَ شَيْئًا لَمْ يَرِدْ فِي كُتُبِهِمْ وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِمْ فِي الصُّحُفِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَوَجَدَ فِيهَا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُؤَاخَذُ بِفِعْلِهِ وَيُجَازَى بِعَمَلِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى يُخْبِرُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَكْدى قِيلَ هُوَ مَنْ بَلَغَ الْكُدْيَةَ وَهِيَ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ لَا تُحْفَرُ، وَحَافِرُ الْبِئْرِ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهَا فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْحَفْرُ أَوْ تَعَسَّرَ يُقَالُ: أَكْدَى الْحَافِرُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ يُقَالُ: أَكْدَيْتُهُ أَيْ رَدَدْتُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى قَدْ عُلِمَ تَفْسِيرُهُ جُمْلَةً أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ الْمُتَوَلِّي وَحَاجَتُهُ وَبَيَانُ قُبْحِ التَّوَلِّي مَعَ الْحَاجَةِ إِلَى الْإِقْبَالِ وَعِلْمُ الْغَيْبِ، أَيِ الْعِلْمُ بِالْغَيْبِ، أَيْ عِلْمُ مَا هُوَ غَائِبٌ عَنِ الْخَلْقِ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ يَرى تَتِمَّةُ بَيَانِ وَقْتَ جَوَازِ التَّوَلِّي وَهُوَ حُصُولُ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي لَا يَنْفَعُ الْإِيمَانُ فِيهِ، وَهُنَاكَ لَا يَبْقَى وُجُوبُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست