responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 576
أُمِرْتُ بِأَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: أَنِّي أُمِرْتُ أَنَّ أَخُصَّ اللَّه وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ وَلَا أَتَّخِذَ لَهُ شَرِيكًا، وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا قَدَّمَ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَ مُحَمَّدًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ هَذِهِ الدَّلَائِلُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا لَكُمْ إِنْ لَمْ تُفِدْ لَكُمُ الْقَوْلَ بِالتَّوْحِيدِ فَقَدْ أَفَادَتْ لِي ذَلِكَ فَسَوَاءٌ قَبِلْتُمْ هَذِهِ الدَّعْوَةَ أَوْ أَعْرَضْتُمْ عَنْهَا، فَإِنِّي مُصِرٌّ عَلَيْهَا غَيْرُ مُرْتَابٍ فِيهَا ثُمَّ إِنَّهُ وَصَفَ اللَّه تَعَالَى بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَبُّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَالْمُرَادُ مَكَّةُ وَإِنَّمَا اخْتَصَّهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْبِلَادِ بِإِضَافَةِ اسْمِهِ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا أَحَبُّ بِلَادِهِ إِلَيْهِ وَأَكْرَمُهَا عَلَيْهِ وَأَشَارَ إِلَيْهَا إِشَارَةَ تَعْظِيمٍ لَهَا دَالًّا عَلَى أَنَّهَا مَوْطِنُ نَبِيِّهِ وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: الَّذِي حَرَّمَها فقرىء (الَّتِي حَرَّمَهَا) ، وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالتَّحْرِيمِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَرَّمَ فِيهَا أَشْيَاءَ عَلَى مَنْ يَحُجُّ وَثَانِيهَا: أَنَّ اللَّاجِئَ إِلَيْهَا آمِنٌ وَثَالِثُهَا: لَا يَنْتَهِكُ حُرْمَتَهَا إِلَّا ظَالِمٌ وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِكَوْنِ مَكَّةَ مُحَرَّمَةً وَعَلِمُوا أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْأَصْنَامِ بَلْ مِنَ اللَّه تَعَالَى، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمَّا عَلِمْتَ وَعَلِمْتُمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِهَذِهِ النِّعَمِ وَجَبَ عَلَيَّ أَنْ أَخُصَّهُ بِالْعِبَادَةِ وَثَانِيهَا: وَصَفَ اللَّه تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ مِنْ كَوْنِهِ تعالى خالقا لجميع النعم فأجمل هاهنا تِلْكَ الْمُفَصَّلَاتِ، وَهَذَا كَمَنْ أَرَادَ صِفَةَ بَعْضِ الْمُلُوكِ بِالْقُوَّةِ فَيَعَدُّ تِلْكَ التَّفَاصِيلَ ثُمَّ بَعْدَ التَّطْوِيلِ يَقُولُ إِنَّ كُلَّ الْعَالَمِ لَهُ وَكُلَّ النَّاسِ فِي طَاعَتِهِ الثَّانِي: أُمِرَ بِأَنْ يَكُونَ/ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الثَّالِثُ: أُمِرَ بِأَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِمْ، وَلَقَدْ قَامَ بِكُلِّ ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِ أَتَمَّ قِيَامٍ فَمَنِ اهْتَدَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ التَّوْحِيدُ وَالْحَشْرُ وَالنُّبُوَّةُ فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ أَيْ مَنْفَعَةُ اهْتِدَائِهِ رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ وَمَنْ ضَلَّ فَلَا عَلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا رَسُولٌ مُنْذِرٌ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَتَمَ هَذِهِ [السُّورَةَ] بِخَاتِمَةٍ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَعْطَانِي مِنْ نِعْمَةِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ أَوْ عَلَى مَا وَفَّقَنِي مِنَ الْقِيَامِ بِأَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَبِالْإِنْذَارِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ الْقَاهِرَةَ فَتَعْرِفُونَها لَكِنْ حِينَ لَا يَنْفَعُكُمُ الْإِيمَانُ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ لِأَنَّهُ مِنْ وَرَاءِ جَزَاءِ الْعَامِلِينَ، واللَّه أَعْلَمُ.
تَمَّ تَفْسِيرُ السُّورَةِ وَالْحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ على أَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست