responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 64
الضلال حاصلا بخلق الله تعالى لكان الكافر أَنْ يَقُولَ لَهُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي بَيَانِكَ وَدَعْوَتِكَ؟ فَنَقُولُ: يُعَارِضُهُ أَنَّ الْخَصْمَ يُسَلِّمُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ إِخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ ضَالًّا فَيَقُولُ لَهُ الْكَافِرُ: لَمَّا أَخْبَرَ إِلَهُكَ عَنْ كَوْنِي كَافِرًا فَإِنْ آمَنْتُ صَارَ إِلَهُكَ كَاذِبًا فَهَلْ أَقْدِرُ عَلَى جَعْلِ إِلَهِكَ كَاذِبًا، وَهَلْ أَقْدِرُ عَلَى جَعْلِ عِلْمِهِ جَهْلًا. وَإِذَا لَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَأْمُرُنِي بِهَذَا الْإِيمَانِ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْخَصْمُ عَلَيْنَا هُوَ أَيْضًا وَارِدٌ عَلَيْهِ. وَأما قوله ثَالِثًا: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرِّضَا بِالْكُفْرِ وَاجِبًا، لِأَنَّ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٌ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
قُلْنَا: وَيَلْزَمُكَ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ السَّعْيُ فِي تَكْذِيبِ اللَّهِ وَفِي تَجْهِيلِهِ، وَهَذَا أَشَدُّ اسْتِحَالَةً مِمَّا أَلْزَمْتَهُ عَلَيْنَا، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ كُفْرِهِ وَعَلِمَ كُفْرَهُ فَإِزَالَةُ الْكُفْرِ عَنْهُ يَسْتَلْزِمُ قَلْبَ عِلْمِهِ جَهْلًا وَخَبَرِهِ الصِّدْقِ كَذِبًا. وَأما قوله رَابِعًا: إِنَّ مُقَدِّمَةَ الْآيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [إِبْرَاهِيمَ: 1] يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِزَالِ فَنَقُولُ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأما قوله خَامِسًا: أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ نَفْسَهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ بِكَوْنِهِ حَكِيمًا وَذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَهُ تَعَالَى خَالِقًا لِلْكُفْرِ مُرِيدًا لَهُ. فَنَقُولُ: وَقَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ عَزِيزًا وَالْعَزِيزُ هُوَ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ فَلَوْ أَرَادَ الْإِيمَانَ مِنَ الْكَافِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَوْ أَرَادَ عَمَلَ الْكُفْرِ مِنْهُمْ، وَقَدْ حَصَلَ لَمَا بَقِيَ عَزِيزًا غَالِبًا. فَثَبَتَ أَنَّ الْوُجُوهَ الَّتِي ذَكَرُوهَا ضَعِيفَةٌ، وَأَمَّا التَّأْوِيلَاتُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرُوهَا فَقَدْ مَرَّ إِبْطَالُهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِرَارًا فَلَا فَائِدَةَ فِي الإعادة.

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 5 الى 6]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرْسَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ لِيُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَذَكَرَ كَمَالَ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ فِي ذَلِكَ الْإِرْسَالِ وَفِي تِلْكَ الْبَعْثَةِ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِشَرْحِ بِعْثَةِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى أَقْوَامِهِمْ وَكَيْفِيَّةِ مُعَامَلَةِ أَقْوَامِهِمْ مَعَهُمْ تَصْبِيرًا لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ وَإِرْشَادًا لَهُ إِلَى كَيْفِيَّةِ مُكَالَمَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ فَذَكَرَ تَعَالَى عَلَى الْعَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ قَصَصَ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَبَدَأَ بِذِكْرِ قِصَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا قَالَ الْأَصَمُّ: آيَاتُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ وَفَلْقُ الْبَحْرِ وَانْفِجَارُ الْعُيُونِ مِنَ الْحَجَرِ وَإِظْلَالُ الْجَبَلِ وَإِنْزَالُ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى.
وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ: أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى قَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِآيَاتِهِ وَهِيَ دَلَالَاتُهُ وَكُتُبُهُ الْمُنَزَّلَةُ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ الدِّينَ. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ: إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم: 1] وَقَالَ فِي حَقِّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالْمَقْصُودُ: بَيَانُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْبِعْثَةِ وَاحِدٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهُوَ أَنْ يَسْعَوْا فِي إِخْرَاجِ الْخَلْقِ مِنْ ظُلُمَاتِ الضَّلَالَاتِ إِلَى أَنْوَارِ الْهِدَايَاتِ.
المسألة الثَّانِيَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: قَوْلُهُ: أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ أَيْ بِأَنْ أَخْرِجْ قومك. ثم قال: أَنْ هاهنا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست