responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 86
البحث الثَّانِي: قَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلُهُ: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ يُرِيدُ شجر الزيتون، وشجر الرمان كما قال:
وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يُوسُفَ: 82] يُرِيدُ أَهْلَهَا.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَاهُنَا أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْأَشْجَارِ. النَّخْلَ وَالْعِنَبَ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الزَّرْعَ عَلَى الشَّجَرِ لِأَنَّ الزَّرْعَ غِذَاءٌ، وَثِمَارُ الْأَشْجَارِ فَوَاكِهٌ، وَالْغِذَاءُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفَاكِهَةِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ النَّخْلَ عَلَى سَائِرِ الْفَوَاكِهِ لِأَنَّ التَّمْرَ يَجْرِي مَجْرَى الْغِذَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَرَبِ وَلِأَنَّ الْحُكَمَاءَ بَيَّنُوا أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ مُشَابَهَةً فِي خَوَاصَّ كَثِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا تُوجَدُ تِلْكَ الْمُشَابَهَةُ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ النَّبَاتِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمُ النَّخْلَةَ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ بَقِيَّةِ طِينَةِ آدَمَ»
وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعِنَبَ عَقِيبَ النَّخْلِ لِأَنَّ الْعِنَبَ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَظْهَرُ يَصِيرُ مُنْتَفَعًا بِهِ إِلَى آخِرِ الْحَالِ فَأَوَّلُ مَا يَظْهَرُ عَلَى الشَّجَرِ يَظْهَرُ خُيُوطٌ خُضْرٌ دَقِيقَةٌ حَامِضَةُ الطَّعْمِ لَذِيذَةُ الْمَطْعَمِ، وَقَدْ يُمْكِنُ اتِّخَاذُ الطَّبَائِخِ مِنْهُ، ثُمَّ بَعْدَهُ يَظْهَرُ الْحِصْرِمُ، وَهُوَ طَعَامٌ شَرِيفٌ لِلْأَصِحَّاءِ وَالْمَرْضَى، وَقَدْ يُتَّخَذُ الْحِصْرِمُ أَشْرِبَةً لَطِيفَةَ الْمَذَاقِ نَافِعَةً لِأَصْحَابِ الصَّفْرَاءِ، وَقَدْ يُتَّخَذُ الطَّبِيخُ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ أَلَذُّ الطَّبَائِخِ الْحَامِضَةِ. ثُمَّ إِذَا تَمَّ الْعِنَبُ فَهُوَ أَلَذُّ الْفَوَاكِهِ وَأَشْهَاهَا، وَيُمْكِنُ ادِّخَارُ الْعِنَبِ الْمُعَلَّقِ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَلَذُّ الْفَوَاكِهِ الْمُدَّخَرَةِ ثُمَّ يَبْقَى مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمُتَنَاوَلَاتِ، وَهِيَ الزَّبِيبُ وَالدِّبْسُ وَالْخَمْرُ وَالْخَلُّ، وَمَنَافِعُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لَا يُمْكِنُ ذكرها إلى فِي الْمُجَلَّدَاتِ، وَالْخَمْرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْعُ قَدْ حَرَّمَهَا، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي صِفَتِهَا: وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ثم قال: وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما فَأَحْسَنُ مَا فِي الْعِنَبِ عَجَمُهُ. وَالْأَطِبَّاءُ يَتَّخِذُونَ مِنْهُ جُوَارِشَنَاتٍ عَظِيمَةَ النَّفْعِ لِلْمَعِدَةِ الضَّعِيفَةِ الرَّطْبَةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْعِنَبَ كَأَنَّهُ سُلْطَانُ الْفَوَاكِهِ، وَأَمَّا الزَّيْتُونُ/ فَهُوَ أَيْضًا كَثِيرُ النَّفْعِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ كَمَا هُوَ، وَيَنْفَصِلُ أَيْضًا عَنْهُ دُهْنٌ كَثِيرٌ عَظِيمُ النَّفْعِ فِي الْأَكْلِ وَفِي سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ. وَأَمَّا الرُّمَّانُ فَحَالُهُ عَجِيبٌ جِدًّا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جِسْمٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِشْرُهُ وَشَحْمُهُ وَعَجَمُهُ وَمَاؤُهُ.
أَمَّا الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ وَهِيَ: الْقِشْرُ وَالشَّحْمُ وَالْعَجَمُ، فَكُلُّهَا بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ أَرْضِيَّةٌ كَثِيفَةٌ قَابِضَةٌ عَفْصَةٌ قَوِيَّةٌ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا مَاءُ الرُّمَّانِ، فَبِالضِّدِّ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ. فَإِنَّهُ أَلَذُّ الْأَشْرِبَةِ وَأَلْطَفُهَا وَأَقْرَبُهَا إِلَى الِاعْتِدَالِ وَأَشَدُّهَا مُنَاسَبَةً لِلطِّبَاعِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلْمِزَاجِ الضَّعِيفِ، وَهُوَ غِذَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَدَوَاءٌ مِنْ وَجْهٍ، فَإِذَا تَأَمَّلْتَ فِي الرُّمَّانِ وَجَدْتَ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَوْصُوفَةً بِالْكَثَافَةِ التَّامَّةِ الْأَرْضِيَّةِ، وَوَجَدْتَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ وَهُوَ مَاءُ الرُّمَّانِ مَوْصُوفًا بِاللَّطَافَةِ وَالِاعْتِدَالِ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ الْمُتَغَايِرَيْنِ، فَكَانَتْ دَلَالَةُ الْقُدْرَةِ وَالرَّحْمَةِ فِيهِ أَكْمَلَ وَأَتَمَّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَنْوَاعَ النَّبَاتِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تَفِيَ بِشَرْحِهَا مُجَلَّدَاتٌ، فَلِهَذَا السَّبَبِ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ النَّبَاتِ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا تَنْبِيهًا عَلَى الْبَوَاقِي، وَلَمَّا ذَكَرَهَا قَالَ تَعَالَى: مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ وَفِيهِ مَبَاحِثُ: الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِ مُشْتَبِهاً وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الْفَوَاكِهَ قَدْ تَكُونُ مُتَشَابِهَةً فِي اللَّوْنِ وَالشَّكْلِ، مَعَ أَنَّهَا تَكُونُ مُخْتَلِفَةً فِي الطَّعْمِ وَاللَّذَّةِ، وَقَدْ تَكُونُ مُخْتَلِفَةً فِي اللَّوْنِ وَالشَّكْلِ، مَعَ أَنَّهَا تَكُونُ مُتَشَابِهَةً فِي الطَّعْمِ وَاللَّذَّةِ، فَإِنَّ الْأَعْنَابَ وَالرُّمَّانَ قَدْ تَكُونُ مُتَشَابِهَةً فِي الصُّورَةِ وَاللَّوْنِ وَالشَّكْلِ. ثُمَّ إِنَّهَا تَكُونُ مُخْتَلِفَةً فِي الْحَلَاوَةِ وَالْحُمُوضَةِ وَبِالْعَكْسِ. الثَّانِي: أَنَّ أَكْثَرَ الْفَوَاكِهِ يَكُونُ مَا فِيهَا مِنَ الْقِشْرِ وَالْعَجَمِ مُتَشَابِهًا فِي الطَّعْمِ وَالْخَاصِّيَّةِ. وَأَمَّا مَا فِيهَا مِنَ اللَّحْمِ وَالرُّطُوبَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخْتَلِفًا فِي الطَّعْمِ، وَالثَّالِثُ: قَالَ قَتَادَةُ: أَوْرَاقُ الْأَشْجَارِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست