responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 84
فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِنَّمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى امْتِنَاعِ هَذَا الظَّاهِرِ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِحَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ: أَنَّ جَمِيعَ الْآيَاتِ نَاطِقَةٌ بِنُزُولِ الْمَطَرِ مِنَ السَّمَاءِ. قَالَ تَعَالَى: / وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوراً [الْفُرْقَانِ: 48] وَقَالَ: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الْأَنْفَالِ: 11] وَقَالَ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ [النُّورِ: 43] فَثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ، أَنَّهُ تَعَالَى يُنَزِّلُ الْمَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَخْلُقُ هَذِهِ الْأَجْسَامَ فِي السَّمَاءِ. ثُمَّ يُنْزِلُهَا إِلَى السَّحَابِ. ثُمَّ مِنَ السَّحَابِ إِلَى الْأَرْضِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْمُرَادُ إِنْزَالُ الْمَطَرِ مِنْ جَانِبِ السَّمَاءِ مَاءً.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنْزَلَ مِنَ السَّحَابِ مَاءً وَسَمَّى اللَّه تَعَالَى السَّحَابَ سَمَاءً، لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ مَا فَوْقَكَ سَمَاءً كَسَمَاءِ الْبَيْتِ، فَهَذَا مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ بِالْمَاءِ هَاهُنَا الْمَطَرَ وَلَا يُنْزِلُ نُقْطَةً مِنَ الْمَطَرِ إِلَّا وَمَعَهَا مَلَكٌ، وَالْفَلَاسِفَةُ يَحْمِلُونَ ذَلِكَ الْمَلَكَ عَلَى الطَّبِيعَةِ الْحَالَّةِ فِي تِلْكَ الْجِسْمِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ النُّزُولِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ السموات، فَالْقَوْلُ بِهِ مُشْكِلٌ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فِيهِ أَبْحَاثٌ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَخْرَجَ النَّبَاتَ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالطَّبْعِ وَالْمُتَكَلِّمُونَ يُنْكِرُونَهُ، وَقَدْ بَالَغْنَا فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 22] فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَيْءٍ نَبَاتٌ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَكَانَ الْمُرَادُ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ نَبَاتٌ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي لَا نَبَاتَ لَهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْزَلَ يُسَمَّى الْتِفَاتًا. وَيُعَدُّ ذَلِكَ من الفضاحة.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَ الْعَرَبِيَّةِ ادَّعَوْا أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنَ الْفَصَاحَةِ. وَمَا بَيَّنُوا أَنَّهُ مِنْ أَيِّ الْوُجُوهِ يُعَدُّ مِنْ هَذَا الْبَابِ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَقَدْ أَطْنَبْنَا فِيهِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [يُونُسَ: 22] فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ.
وَالْبَحْثُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا صِيغَةُ الْجَمْعِ. واللَّه وَاحِدٌ فَرْدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِلَّا أَنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ إِذَا كَنَّى عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّمَا يُكَنِّي بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَنَظِيرُهُ قوله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ [الدخان: 3] إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً [نوح: 1] إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ [الحجر: 9] .
أَمَّا قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً فَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى خَضِرٍ، كَمَعْنَى أَخْضَرَ، يُقَالُ اخْضَرَّ/ فَهُوَ أَخْضَرُ وَخَضِرٌ، مَثَّلَ اعْوَرَّ فَهُوَ أَعْوَرُ وَعَوِرٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْخَضِرُ فِي كِتَابِ اللَّه هُوَ الزَّرْعُ وَفِي الْكَلَامِ كُلُّ نَبَاتٍ مِنَ الْخَضِرِ، وَأَقُولُ إِنَّهُ تَعَالَى حَصَرَ النَّبْتَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قِسْمَيْنِ: حَيْثُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى فَالَّذِي يَنْبُتُ مِنَ الْحَبِّ هُوَ الزَّرْعُ، وَالَّذِي يَنْبُتُ مِنَ النَّوَى هُوَ الشَّجَرُ فَاعْتَبَرَ هَذِهِ الْقِسْمَةَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَابْتَدَأَ بِذِكْرِ الزَّرْعِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً وَهُوَ الزَّرْعُ، كَمَا رُوِّينَاهُ عَنِ اللَّيْثِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست