responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 61
يُصِرَّ عَلَى إِنْكَارِهِ، بَلْ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمُعْجِزِ فَإِنْ أَتَى بِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَإِلَّا فَلَا فَإِمَّا أَنْ يُصِرَّ الْيَهُودِيُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ شَيْئًا الْبَتَّةَ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُوسَى، فَذَاكَ/ مَحْضُ الْجَهَالَةِ وَالتَّقْلِيدِ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالَيْنِ الْأَوَّلِينَ.
فَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُهُ: هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ وَنَزَلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يَمْنَعُ مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مُنَاظَرَةُ الْيَهُودِيِّ.
قُلْنَا: الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالُوا: السُّورَةُ كُلُّهَا مَكِّيَّةٌ وَنَزَلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، فَهَذَا مُنْتَهَى الْكَلَامِ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْوَجْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ أَعْنِي مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قَوْمٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: كُفَّارُ قُرَيْشٍ يُنْكِرُونَ نُبُوَّةَ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ إِلْزَامُ نُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِمْ؟ وَأَيْضًا فَمَا بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَلِيقُ بِكَفَّارِ قُرَيْشٍ، وَإِنَّمَا يَلِيقُ بِالْيَهُودِ وَهُوَ قَوْلُهُ: تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ [الأنعام: 91] فَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِالْيَهُودِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ خِطَابٌ مَعَ الْكُفَّارِ، وَآخِرَهَا خِطَابٌ مَعَ الْيَهُودِ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَفْكِيكَ نَظْمِ الْآيَةِ وَفَسَادَ تَرْكِيبِهَا، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِأَحْسَنِ الْكَلَامِ فَضْلًا عَنْ كَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَهَذَا تَقْرِيرُ الْإِشْكَالِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
أَمَّا السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: فَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ كَفَّارَ قُرَيْشٍ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكَانُوا قَدْ سَمِعُوا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاتُرِ ظُهُورَ الْمُعْجِزَاتِ الْقَاهِرَةِ عَلَى يَدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَ انْقِلَابِ الْعَصَا ثُعْبَانًا، وَفَلْقِ الْبَحْرِ وَإِظْلَالِ الْجَبَلِ وَغَيْرِهَا وَالْكَفَّارُ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَمْثَالَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَكَانُوا يَقُولُونَ لَوْ جئتنا بأمثال هذه المعجزات لا منا بِكَ، فَكَانَ مَجْمُوعُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ جَارِيًا مَجْرَى مَا يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الِاعْتِرَافَ بِنُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ إِيرَادُ نُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلْزَامًا عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي: فَجَوَابُهُ: أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، لَمَّا كَانُوا مُتَشَارِكِينَ فِي إِنْكَارِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الْوَاحِدُ وَارِدًا عَلَى سَبِيلِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ خِطَابًا مَعَ كُفَّارِ مَكَّةَ وَبَقِيَّتُهُ يَكُونُ خِطَابًا مَعَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَهَذَا مَا يَحْضُرُنَا فِي هَذَا الْبَحْثِ الصَّعْبِ، وباللَّه التَّوْفِيقُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ عُقُولَ الْخَلْقِ لَا تَصِلُ إِلَى كُنْهِ مَعْرِفَةِ اللَّه تَعَالَى الْبَتَّةَ، ثُمَّ إِنَّ الْكَثِيرَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْمَذْهَبِ يَحْتَجُّونَ عَلَى صِحَّتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أَيْ وَمَا عَرَفُوا اللَّه حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِعِيدٌ، لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي الْقُرْآنِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَكُلُّهَا وَرَدَتْ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ فَهَهُنَا وَرَدَ فِي حَقِّ الْيَهُودِ أَوْ كُفَّارِ مَكَّةَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ فَائِدَةٌ. واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَحْكَامٌ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست