responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 138
تَحْصِيلِهِ وَهَذَا هُوَ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ لِلْإِيمَانِ. فَأَمَّا إِذَا حَصَلَ فِي الْقَلْبِ اعْتِقَادُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ مَثَلًا سَبَبُ مَفْسَدَةٍ عَظِيمَةٍ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَيُوجِبُ الْمَضَارَّ الْكَثِيرَةَ فَعِنْدَ هَذَا يَتَرَتَّبُ عَلَى حُصُولِ هَذَا الِاعْتِقَادِ نَفْرَةٌ شَدِيدَةٌ عَنِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا فَصَارَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ الْإِيمَانَ قَوَّى دَوَاعِيَهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ مِنْهُ الْكُفْرَ قَوَّى صَوَارِفَهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَقَوَّى دَوَاعِيَهُ إِلَى الْكُفْرِ وَلَمَّا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ مُشْتَمِلٌ عَلَى هَذِهِ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَإِذَا انْطَبَقَ قَاطِعُ الْبُرْهَانِ عَلَى صريح لفظ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ وَرَاءَهُ بَيَانٌ وَلَا بُرْهَانٌ. قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ لَنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَقَامَانِ:
الْمَقَامُ الْأَوَّلُ بَيَانُ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلِكُمْ.
الْمَقَامُ الثَّانِي مَقَامُ التَّأْوِيلِ الْمُطَابِقِ لِمَذْهَبِنَا وَقَوْلِنَا.
أَمَّا الْمَقَامُ الْأَوَّلُ فَتَقْرِيرُهُ مِنْ وُجُوهٍ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ تَعَالَى أَضَلَّ قَوْمًا أَوْ يُضِلُّهُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ مَتَى أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَ إِنْسَانًا فَعَلَ بِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ وَإِذَا أَرَادَ إِضْلَالَهُ فَعَلَ بِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ ذَلِكَ أَوْ لَا يُرِيدُهُ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ [الْأَنْبِيَاءِ 17] فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ يَفْعَلُ اللَّهْوَ لَوْ أَرَادَهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُرِيدُ ذَلِكَ وَلَا يَفْعَلُهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ بَلْ قَالَ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ الْمُرَادَ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ عَنِ الْإِيمَانِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي آخِرِ الْآيَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ بِهَذَا الْكَافِرِ جَزَاءً عَلَى كُفْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ فَقَالَ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً فَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ جَعْلَ الصَّدْرِ ضَيِّقًا حَرَجًا يَتَقَدَّمُ حُصُولُهُ عَلَى حُصُولِ الضَّلَالَةِ وَأَنَّ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْمُتَقَدِّمِ أَثَرًا فِي حُصُولِ/ الضَّلَالِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا عِنْدَنَا فَلَا نَقُولُ بِهِ. وَأَمَّا عِنْدَكُمْ فَلِأَنَّ الْمُقْتَضَى لِحُصُولِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُهُ فِيهِ لِقُدْرَتِهِ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى قَوْلِكُمْ.
أَمَّا الْمَقَامُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِقَوْلِنَا فَتَقْرِيرُهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجًبَّائِيُّ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي فَنَقُولُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ وَلَا يَزُولَ عَنْهُ وَتَفْسِيرُ هَذَا الشَّرْحِ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ بِهِ أَلْطَافًا تَدْعُوهُ إِلَى الْبَقَاءِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا النَّوْعِ أَلْطَافٌ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا بِالْمُؤْمِنِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ مُؤْمِنًا وَهِيَ بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا يَدْعُوهُ إِلَى الْبَقَاءِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التَّغَابُنِ 11] وَبِقَوْلِهِ وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [الْعَنْكَبُوتِ 69] فَإِذَا آمَنَ عَبْدٌ وَأَرَادَ اللَّهُ ثَبَاتَهُ فَحِينَئِذٍ يَشْرَحُ صَدْرَهُ أَيْ يَفْعَلُ بِهِ الْأَلْطَافَ الَّتِي تَقْتَضِي ثَبَاتَهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَدَوَامَهُ عَلَيْهِ فَأَمَّا إِذَا كَفَرَ وَعَانَدَ وَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُضِلَّهُ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُلْقِي فِي صَدْرِهِ الضِّيقَ وَالْحَرَجَ. ثُمَّ سَأَلَ الجبائي نفسه
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست