responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 131
وَطَائِفَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ تُرِكَ الذِّكْرُ عَمْدًا حَرُمَ وَإِنْ تُرِكَ نِسْيَانًا حَلَّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَحِلُّ مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ سَوَاءٌ تُرِكَ عمدا او خطأ إذا كان أَهْلًا لِلذَّبْحِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [الْمَائِدَةِ: 3] فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا النَّهْيُ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا ذُبِحَ عَلَى اسْمِ النُّصُبِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفَسِّقُ أَكْلَ ذَبِيحَةِ الْمُسْلِمِ الَّذِي تَرَكَ التَّسْمِيَةَ وَثَانِيهَا: قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَهَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ إِنَّمَا كَانَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَيْتَةِ رُوِيَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: مَا يَقْتُلُهُ الصَّقْرُ وَالْكَلْبُ تَأْكُلُونَهُ وَمَا يَقْتُلُهُ اللَّهُ فَلَا تَأْكُلُونَهُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: / تَأْكُلُونَ مَا تَقْتُلُونَهُ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا يَقْتُلُهُ اللَّهُ فَهَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ مَخْصُوصَةٌ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ وَهَذَا مَخْصُوصٌ بِمَا ذُبِحَ عَلَى اسْمِ النُّصُبِ يَعْنِي لَوْ رَضِيتُمْ بِهَذِهِ الذَّبِيحَةِ الَّتِي ذُبِحَتْ عَلَى اسْمِ إِلَهِيَّةِ الْأَوْثَانِ فَقَدْ رَضِيتُمْ بِإِلَهِيَّتِهَا وَذَلِكَ يُوجِبُ الشِّرْكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
فَأَوَّلُ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ عَامًّا بِحَسَبِ الصِّيغَةِ إِلَّا أَنَّ آخِرَهَا لَمَّا حَصَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْقُيُودُ الثَّلَاثَةُ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ هُوَ هَذَا الْخُصُوصُ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ فَقَدْ صَارَ هَذَا النَّهْيُ مَخْصُوصًا بِمَا إِذَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِسْقًا ثُمَّ طَلَبْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مَتَى يَصِيرُ فِسْقًا؟ فَرَأَيْنَا هَذَا الْفِسْقَ مُفَسَّرًا فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهُوَ قَوْلَهُ: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [الْأَنْعَامِ: 145] فَصَارَ الْفِسْقُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُفَسَّرًا بِمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ مَخْصُوصًا بِمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَالْمَقَامُ الثَّانِي: أَنْ نَتْرُكَ التَّمَسُّكَ بِهَذِهِ الْمُخَصِّصَاتِ لَكِنْ نَقُولُ لِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ذِكْرُ اللَّهِ هَاهُنَا؟
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ مَعَ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ قَالَ أَوْ لَمْ يَقُلْ»
وَيُحْمَلْ هَذَا الذِّكْرُ عَلَى ذِكْرِ الْقَلْبِ.
وَالْمَقَامُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ نَقُولَ: هَبْ أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ إِلَّا أَنَّ سَائِرَ الدَّلَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُوجِبُ الْحِلَّ وَمَتَى تَعَارَضَتْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ هُوَ الْحِلَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَأْكُولَاتِ الْحِلُّ وَأَيْضًا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْعُمُومَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحِلِّ الْأَكْلِ وَالِانْتِفَاعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [الْبَقَرَةِ: 29] وَقَوْلِهِ: كُلُوا وَاشْرَبُوا [الْبَقَرَةِ: 60] لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ بِحَسَبِ الْحِسِّ فَوَجَبَ أَنْ يَحِلَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ [المائدة: 4] وَلِأَنَّهُ مَالٌ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَمِيلُ إِلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُحَرَّمَ لِمَا
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ
فَهَذَا تَقْرِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَنَقُولُ: الْأَوْلَى بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا النَّصِّ قَوِيٌّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ إِلَى مَاذَا يَعُودُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ: لَا تَأْكُلُوا يَدُلُّ عَلَى الْأَكْلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ فَهَذَا الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى هَذَا الْمَصْدَرِ وَالثَّانِي: كَأَنَّهُ جَعَلَ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ فِسْقًا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ فَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ من الشياطين
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست