responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 128
قُلْنَا لَا شَكَّ أَنَّ حُصُولَ التَّفَاوُتِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْعِنَايَةَ بِإِظْهَارِ هِدَايَةِ الْمُهْتَدِينَ فَوْقَ الْعِنَايَةِ بِإِظْهَارِ ضَلَالِ الضَّالِّينَ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها [الْإِسْرَاءِ: 7] فَذَكَرَ الْإِحْسَانَ مَرَّتَيْنِ وَالْإِسَاءَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالثَّانِي: أَنَّ مَوْضِعَ: مَنْ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَلَفْظُهَا لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ وَالْمَعْنَى إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ أَيُّ النَّاسِ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ: قَالَ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى [الْكَهْفِ: 12] وَهَذَا قَوْلُ الْمُبَرِّدِ وَالزَّجَّاجِ والكسائي والفراء.

[سورة الأنعام (6) : آية 118]
فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)
فِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ نَذْكُرُهَا فِي مَعْرِضِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ «الْفَاءُ» فِي قَوْلِهِ: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقْتَضِي تَعَلُّقًا بِمَا تَقَدَّمَ فَمَا ذَلِكَ الشَّيْءُ؟
وَالْجَوَابُ قَوْلُهُ فَكُلُوا مُسَبَّبٌ عَنْ إِنْكَارِ اتِّبَاعِ الْمُضِلِّينَ الَّذِينَ يُحَلِّلُونَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لِلْمُسْلِمِينَ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَ اللَّهَ فَمَا قَتَلَهُ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ/ تَأْكُلُوهُ مِمَّا قَتَلْتُمُوهُ أَنْتُمْ فَقَالَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ كُنْتُمْ مُتَحَقِّقِينَ بِالْإِيمَانِ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُذَكَّى بِبَسْمِ اللَّهِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي الْقَوْمُ كَانُوا يُبِيحُونَ أَكْلَ مَا ذُبِحَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَلَا يُنَازِعُونَ فِيهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُمْ أَيْضًا كَانُوا يُبِيحُونَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَالْمُسْلِمُونَ كَانُوا يُحَرِّمُونَهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ وُرُودُ الْأَمْرِ بِإِبَاحَةِ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَبَثًا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ الْحُكْمِ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَتَرْكَ الْحُكْمِ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
وَالْجَوَابُ فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ لَعَلَّ الْقَوْمَ كَانُوا يُحَرِّمُونَ أَكْلَ الْمُذَكَّاةِ وَيُبِيحُونَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ فَاللَّهُ تَعَالَى رَدَّ عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْرَيْنِ فَحَكَمَ بِحِلِّ الْمُذَكَّاةِ بِقَوْلِهِ: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبِتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ بِقَوْلِهِ: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الثَّانِي: أَنْ نَحْمِلَ قَوْلَهُ: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اجْعَلُوا أَكْلَكُمْ مَقْصُورًا عَلَى مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَحْرِيمَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ فَقَطْ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ صِيغَةُ الْأَمْرِ وَهِيَ لِلْإِبَاحَةِ وَهَذِهِ الْإِبَاحَةُ حَاصِلَةٌ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِ وَكَلِمَةُ (إِنْ) فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ تُفِيدُ الِاشْتِرَاطَ وَالْجَوَابُ التَّقْدِيرُ لِيَكُنْ أَكْلُكُمْ مَقْصُورًا عَلَى مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِإِبَاحَةِ أَكْلِ الميتة لقدح ذلك في كونه مؤمنا.

[سورة الأنعام (6) : آية 119]
وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْفَتْحِ فِي الْحَرْفَيْنِ وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِالضَّمِّ فِي الْحَرْفَيْنِ وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ/ فَصَّلَ بالفتح وَحُرِّمَ بِالضَّمِّ فَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ فِي الْحَرْفَيْنِ فَقَدِ احْتَجَّ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ تَمَسَّكَ فِي فَتْحِ قَوْلِهِ: فَصَّلَ بِقَوْلِهِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ [الانعام: 97 98 126] وَفِي فَتْحِ قَوْلِهِ: حَرَّمَ بِقَوْلِهِ: أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ [الانعام: 151] .
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست