responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 110
الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ
[الْأَحْزَابِ: 57] وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي جُهَّالِهِمْ مَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ شَيْطَانًا يَحْمِلُهُ عَلَى ادِّعَاءِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ لِجَهْلِهِ كَانَ يُسَمِّي ذَلِكَ الشَّيْطَانَ بِأَنَّهُ إِلَهُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَكَانَ يَشْتُمُ إِلَهَ مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ شَتْمَ الْأَصْنَامِ مِنْ أُصُولِ الطَّاعَاتِ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَنْهَى عَنْهَا.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الشَّتْمَ، وَإِنْ كَانَ طَاعَةً. إِلَّا أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ مُنْكَرٍ عَظِيمٍ، وَجَبَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَالْأَمْرُ هَاهُنَا كَذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا الشَّتْمَ كَانَ يَسْتَلْزِمُ إِقْدَامَهُمْ عَلَى شَتْمِ اللَّهِ وَشَتْمِ رَسُولِهِ، وَعَلَى فَتْحِ بَابِ السَّفَاهَةِ، وعلى تنفير هم عَنْ قَبُولِ الدِّينِ، وَإِدْخَالِ الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ فِي قُلُوبِهِمْ، فَلِكَوْنِهِ مُسْتَلْزِمًا لِهَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ، وَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ الْحَسَنُ: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ: عَدَا فُلَانٌ عَدْوًا وَعُدُوًّا وَعُدْوَانًا وَعِدًا. أَيْ ظَلَمَ ظُلْمًا جَاوَزَ الْقَدْرَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَعَدْوًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى فَيَعْدُوا عَدْوًا. قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِإِرَادَةِ اللَّامِ، وَالْمَعْنَى: فَيَنْسُبُوا اللَّهَ لِلظُّلْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِالْكَفَّارِ مَا يَزْدَادُونَ بِهِ بُعْدًا عَنِ الْحَقِّ وَنُفُورًا. إِذْ لَوْ جَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ لَجَازَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ، وَكَانَ لَا يَنْهَى عَمَّا ذَكَرْنَا، وَكَانَ لَا يَأْمُرُ بِالرِّفْقِ بِهِمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ. كَقَوْلِهِ لِمُوسَى وَهَارُونَ: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه: 44] وَذَلِكَ يُبَيِّنُ بُطْلَانَ مَذْهَبِ الْمُجْبِرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالُوا هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ قَدْ يُقَبَّحُ إِذَا أَدَّى إِلَى ارْتِكَابِ مُنْكَرٍ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ يُقَبَّحُ إِذَا أَدَّى إِلَى زِيَادَةِ مُنْكَرٍ، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ تَأْدِيبٌ لِمَنْ يَدْعُو إِلَى الدِّينِ، لِئَلَّا يَتَشَاغَلَ بِمَا لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي الْمَطْلُوبِ، لِأَنَّ وَصْفَ الْأَوْثَانِ بِأَنَّهَا جَمَادَاتٌ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ يَكْفِي فِي الْقَدْحِ فِي إِلَهِيَّتِهَا، فَلَا حَاجَةَ مَعَ ذَلِكَ إِلَى شَتْمِهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ فَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي زَيَّنَ لِلْكَافِرِ الْكُفْرَ، وَلِلْمُؤْمِنِ الْإِيمَانَ، وَلِلْعَاصِي الْمَعْصِيَةَ، وَلِلْمُطِيعِ الطَّاعَةَ. قَالَ الْكَعْبِيُّ: حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مُحَالٌ، لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَقُولُ: الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ [مُحَمَّدٍ: 25] وَيَقُولُ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ [الْبَقَرَةِ: 257] ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ ذَكَرُوا فِي الْجَوَابِ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ:
قَالَ الْجُبَّائِيُّ: الْمُرَادُ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ تَقَدَّمَتْ مَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالْكَعْبِيُّ أَيْضًا ذَكَرَ عَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ فَقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى زَيَّنَ لَهُمْ مَا يَنْبَغِي ان يعلموا وَهُمْ لَا يَنْتَهُونَ. الثَّانِي: قَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنْ أُمَمِ الْكُفَّارِ سُوءَ عَمَلِهِمْ، أَيْ خَلَّيْنَاهُمْ وَشَأْنَهُمْ وَأَمْهَلْنَاهُمْ حَتَّى حَسُنَ عِنْدَهُمْ سُوءُ عَمَلِهِمْ. وَالثَّالِثُ: أَمْهَلْنَا الشَّيْطَانَ حَتَّى زَيَّنَ لَهُمْ، وَالرَّابِعُ: زَيَّنَّاهُ فِي زَعْمِهِمْ وَقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِهَذَا وَزَيَّنَّهُ لَنَا. هَذَا مَجْمُوعُ التَّأْوِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالْكُلُّ ضَعِيفٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ الْقَاطِعَ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا أَشْعَرَ بِهِ ظَاهِرُ هَذَا النَّصِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّا بَيَّنَّا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ صُدُورَ الْفِعْلِ عَنِ الْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الدَّاعِي. وَبَيَّنَّا أَنَّ تِلْكَ الدَّاعِيَةَ لَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 13  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست