أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر الزبير ، ومحمد بن مروان عن الكلبي ،
وعبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع بن أنس ، قالوا : نزلت هذه في وفد
نجران ، وكانوا ستين راكبا قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الاربعة عشر
ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم العاقب ، وهو أميرهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدّرون عن
رأيه ، واسمه عبد المسيح. والسيّد [عالمهم] وصاحب رحلهم واسمه [الأيهم ويقال :
شرحبيل] [١] وأبو حارثة بن علقمة الذي يعتبر حبرهم وإمامهم وصاحب
مدارسهم ، وكان قد شرف فيهم ودرّس كهنتهم من حسن عمله في دينهم ، وكانت ملوك الروم
قد شرّفوه [وموّلوه وبنو له] الكنائس لعلمه واجتهاده.
فقدموا على
رسول الله المدينة ودخلوا مسجده ـ حين صلى العصر ـ عليهم ثياب الحبرة وأردية
مكفوفة بالحديد ، في جمال رجال بلحرث [٢] بن كعب ، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما رأينا وفدا مثلهم! وقد حانت صلاتهم فقاموا وصلّوا
في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصلّوا الى المشرق.
فكلّم السيد
والعاقب رسول الله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أسلمنا. قالا : قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ؛
يمنعكما من الإسلام [ادّعاء كما] [٣] لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير.
قالا : إن لم
يكن ولد لله فمن [أبيه] [٤] وخاصموه جميعا في عيسى عليهالسلام ، فقال لهما النبي صلىاللهعليهوسلم : [إنّه لا يكون ولد إلّا وشبه أباه. قالوا : بلى ، قال
: ألستم] تعلمون أن ربّنا حي لا يموت وإنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا : بلى.
قال : ألستم تعلمون أنّ ربّنا قيّم على كل شيء يحفظه ويرزقه؟ قالوا : بلى. قال :
فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ قالوا : لا. قال : ألستم تعلمون (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي
الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ)؟ قالوا : بلى.