نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 186
قال الكلبي :
يعني على محمد صلىاللهعليهوسلم(وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ
فِي أُخْراكُمْ) أي في آخركم ومن ورائكم إليّ عباد الله فأنا رسول الله
من بكّر فله الجنة ، يقال : جاء فلان في آخر الناس وآخرة الناس وأقرى الناس وأخراة
الناس وأخريات الناس ، فجاز لكم جعل الإنابة بمعنى العقاب وأصلها في الحسنات كقوله
: (فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذابٍ أَلِيمٍ)[١].
يعني بالسود :
القيود والسياط وكذلك معنى الآية ، جعل مكان الثواب الذي كنتم ترمون غمّا بغمّ.
قال الحسن :
يعني بغم المشركين يوم بدر.
وقال آخرون :
الباء بمعنى على ، أي غمّا على غمّ ، وقيل : (غَمًّا بِغَمٍ) ، فالغم الأول ما فاتهم من الظفر والغنيمة ، والغم
الثاني ما نالهم من القتل والهزيمة ، وقيل : الغم الأول انحراف خالد ابن الوليد
عليهم بخيل من المشركين ، والغم الثاني حين أشرف عليهم أبو سفيان ، وذلك أن رسول
الله صلىاللهعليهوسلم انطلق يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة ،
فلما رأوه وضع رجل سهما في قوسه فأراد أن يرميه فقال : «أنا رسول الله» [١٦٨]
ففرحوا حين وجدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وفرح النبي حين رأى في أصحابه من يمتنع ، فلما
اجتمعوا وفيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذهب عنهم الحزن ، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه ،
ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا ، فأقبل أبو سفيان وأصحابه حتى وقفوا بباب الشعب ، ثم
أشرف عليهم ، فلما نظر المسلمون إليهم ، همّهم ذلك وظنّوا أنهم سوف يميلون عليهم
فيقتلونهم ، فأنساهم هذا ما نالهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس لهم أن يعلونا ، اللهم إن تقتل هذه العصابة لا
تعبد في الأرض» [١٦٩] ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم فنزلوا سريعا [٣].
(لِكَيْلا تَحْزَنُوا
عَلى ما فاتَكُمْ) من الفتح والغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) (ما) في موضع خفض أي : ولا على ما أصابكم من القتل والهزيمة حين أنساكم ذلك
هذا الغم ، وهمّكم ما أنتم فيه غما قد أصابكم قبل.
فقال الفضل : (لا)
صلة معناه : لكي تحزنوا على ما فاتكم وما أصابكم عقوبة لكم في خلافكم إياه ،
وترككم المركز كقوله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ
أَهْلُ الْكِتابِ)[٤].