ثابت البناني
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت قصورا مشرفة على الجنة فقلت يا جبرئيل لمن هذه؟
قال : لـ (الْكاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)» [١٤٧] [٢].
قال ابن عباس :
قال المؤمنون يا رسول الله كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منّا ، كان أحدهم إذا
ذنب ذنبا أصبحت كفارة ذنبهم مكتوبة في عتبة بابه اجدع أنفك وأذنك ، افعل كذا ،
فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا أخبركم بخير من ذلك» فقرأ عليهم هذه الآيات [٣].
وقال عطاء :
نزلت هذه الآية في نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا
فقال لها : إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه فهل لك فيه؟ قالت : نعم ،
فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبّلها ، فقالت له : اتق الله ، فتركها وندم
على ذلك فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم وذكر له ذلك فنزلت هذه الآية.
وقال مقاتل
والكلبي : آخا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف ، فخرج
الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على أهله ، فاشترى لهم اللحم ذات يوم ، فلما
أرادت المرأة أن تأخذه منه دخل على أثرها فدخلت المرأة بيتا فتبعها فاتقته بيدها ،
فقبّل يدها ثم ندم وانصرف ، فقالت له : والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك ،
فخرج الأنصاري ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه ، فلما رجع الثقفي لم يستقبله
الأنصاري فسأل امرأته عن حاله.
فقالت : لا
أكثر الله في الاخوان مثله ووصفت له الحال ، والأنصاري يسيح في الجبال تائبا
مستغفرا ، وطلبه الثقفي حتى وجده ، فأتى به أبا بكر رضياللهعنه رجاء أن يجدا راحة عنده فخرجا ، وقال الأنصاري : هلكت ،
قال : وما أهلكك؟ فذكر له القصة ، فقال أبو بكر : ويحك أما علمت أن الله تعالى
يغار للغازي ما لا يغار للمقيم ، ثم لقى عمر رضياللهعنه فقال : مثل ذلك ، فأتيا النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له مثل مقالتهما ، فأنزل الله تعالى (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً)
هي صفة لاسم متروك
تقديره : (وَالَّذِينَ إِذا
فَعَلُوا فاحِشَةً) يعني قبيحة خارجة عمّا أذن الله فيه ، وأصل الفحش
القبيح والخروج عن الحد ، ولذلك قيل للمفرط في الطول أنه فاحش الطول ، والكلام
القبيح غير [القصد] فالكلام فاحش والمتكلم به مفحش.