نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 120
عبادة بن نضلة الأنصاري : يا معشر الخزرج هل تدرون على ما تبايعون هذا
الرجل؟ إنّكم تبايعونه على حرب الأسود والأحمر ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت
أموالكم مصيبة؟ وأشرافكم قتل أسلمتموه ، فمن الآن فهو والله خزي في الدنيا والآخرة
، وإن كنتم ترون أنكم وافون بالعهد له فيما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل
الأشراف ، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا؟ قال : «الجنة». قالوا : ابسط
يدك. فبسط يده فبايعوه ، فأول من ضرب على يده البراء بن معرور ، ثم تتابع القوم.
قال : فلما بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط : يا أهل
الجباجب [١] هل لكم في مذمم والصباء معه قد اجتمعوا على حربكم؟ فقال
رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا والله زنا العقبة اسمع أي عدو الله ، أما والله
لأفرغن لك». ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارجعوا إلى رحالكم». فقال له العباس بن عبادة بن
نضلة : والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا. فقال رسول الله
صلىاللهعليهوسلم : «لم نؤمر بذلك ، ولكن ارجعوا إلى رحالكم».
قال : فرجعنا
إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا [ف] غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا
وقالوا : يا معشر الخزرج بلغنا أنكم جئتم صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا
وتبايعونه على حربنا ، فإنه والله ما حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا
وبينهم منكم. قال : فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء
وما علمناه. وصدقوا لم يعلموا. وبعضنا ينظر إلى بعض ، فقام القوم وفيهم الحارث بن
هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان جديدان قال : فقلت له كلمة كأني أريد أن
أشرك القوم بها فيما قالوا : يا أبا جابر أما تستطيع أن تتخذ. وأنت سيد من
ساداتنا. مثل نعلي هذا الفتى من قريش؟
قال : فسمعها
الحارث فخلعهما من رجليه ، ثم رمى بهما إليّ وقال : والله لتنتعلنّهما ، فقال أبو
جابر : والله أخفظت الفتى فاردد إليه نعليه. قال : قلت : لا أردهما ، قال : والله
صلح ، والله لئن صدق لأسلبنه.
قال : ثم انصرف
أبو جابر إلى المدينة ، وقد شدّدوا العقد ، فلما قدموها أظهروا الإسلام بها وبلغ
ذلك قريشا فآذوا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «إنّ الله قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون
فيها» [٨٥] [٢].
فأمرهم بالهجرة
إلى المدينة واللحوق بإخوانهم الأنصار ، فكان ممن هاجر أبو سلمة بن عبد الأسد
المخزومي ، ثم عامر بن ربيعة ومعه امرأته ليلى بنت أبي خيثمة ، ثم عبد الله بن
[١] الجباجب هنا
المنازل وفي الصحاح : الجبجبة جمع جباجب : زبيل من جلود ينقل فيه التراب ، وتسمّى «القفّة»
راجع لسان العرب : ٨ / ٢٩١.
[٢] بطوله في تاريخ
الطبري : ٢ / ٨٨ إلى ٩٤ ، ومسند أحمد : ٣ / ٤٦٢.
نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 120