responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 223
وَقَوْلُهُ": {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} ، وَقَدْ حَصَلَ لَهَا ذَلِكَ، وَهَدَاهَا اللَّهُ بِهِ، وَأَسْكَنَهَا الْجَنَّةَ بِسَبَبِهِ. وَقَوْلُهَا: {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أَيْ: أَرَادَتْ أَنْ تَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَتَتَبَنَّاهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أَيْ: لَا يَدْرُونَ مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْتِقَاطِهِمْ إِيَّاهُ، مِنَ الْحِكْمَةِ الْعَظِيمَةِ الْبَالِغَةِ، وَالْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ.
{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لأخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) } .
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فُؤَادِ أُمِّ مُوسَى، حِينَ ذَهَبَ وَلَدُهَا فِي الْبَحْرِ، إِنَّهُ أَصْبَحَ فَارِغًا، أَيْ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَّا مِنْ مُوسَى. قَالَهُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وعِكْرِمة، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَالضَّحَّاكُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ.
{إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أَيْ: إِنْ كَادَتْ مِنْ شَدَّةِ وَجْدِهَا وَحُزْنِهَا وَأَسَفِهَا لَتُظهر أَنَّهُ ذَهَبَ لَهَا وَلَدٌ، وَتُخْبِرُ بِحَالِهَا، لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ثَبَّتها وصبَّرها، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَتْ لأخْتِهِ قُصِّيهِ} أَيْ: أَمَرَتِ ابْنَتَهَا -وَكَانَتْ كَبِيرَةً تَعِي مَا يُقَالُ لَهَا -فَقَالَتْ لَهَا: {قُصِّيهِ} أَيْ: اتْبَعِي أَثَرَهُ، وَخُذِي خَبَرَهُ، وتَطَلَّبي شَأْنَهُ مِنْ نَوَاحِي الْبَلَدِ. فَخَرَجَتْ لِذَلِكَ، {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنْ جَانِبٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} : عَنْ بَعِيدٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: جَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهَا لَا تُرِيدُهُ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَرَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِدَارِ فِرْعَوْنَ، وَأَحَبَّتْهُ امْرَأَةُ الْمَلِكِ، وَاسْتَطْلَقَتْهُ مِنْهُ، عَرَضُوا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ الَّتِي فِي دَارِهِمْ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهَا ثَدْيًا، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجُوا بِهِ إِلَى سُوقٍ لَعَلَّهُمْ يَجِدُونَ امْرَأَةً تَصْلُحُ لِرَضَاعَتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ بِأَيْدِيهِمْ عَرَفَتْهُ، وَلَمْ تُظْهِرْ ذَلِكَ وَلَمْ [1] يَشْعُرُوا بِهَا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: تَحْرِيمًا قَدَريا، وَذَلِكَ لِكَرَامَةِ اللَّهِ لَهُ صَانَهُ [2] عَنْ أَنْ يَرْتَضِعَ غَيْرَ ثَدْيِ أُمِّهِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ -جَعَلَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى رُجُوعِهِ إِلَى أُمِّهِ، لِتُرْضِعَهُ وَهِيَ آمِنَةٌ، بَعْدَمَا كَانَتْ خَائِفَةً. فَلَمَّا رَأَتْهُمْ [أُخْتُهُ] [3] حَائِرِينَ فِيمَنْ يُرْضِعُهُ قَالَتْ: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ} [4] لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ.

[1] ففي ت، ف: "فلم".
[2] في ت: "صيانة".
[3] زيادة من ت.
[4] في ت: "يرضعونه".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست