responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 5
سُورَةُ النُّورِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{سُورَةٌ أَنزلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [1] الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2] }
يَقُولُ تَعَالَى: هَذِهِ {سُورَةٌ أَنزلْنَاهَا} فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى [1] الِاعْتِنَاءِ بِهَا وَلَا يَنْفِي مَا عَدَاهَا.
{وَفَرَّضْنَاهَا} قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: أيْ بَيَّنَّا الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْحُدُودَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَمَنْ قَرَأَ "فَرَضْناها" يَقُولُ: فَرَضْنا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ.
{وَأَنزلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} أَيْ: مفسَّرات واضحَات، {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا حُكْمُ الزَّانِي فِي الْحَدِّ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَنِزَاعٌ؛ فَإِنَّ الزَّانِيَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِكْرًا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ، أَوْ مُحْصَنًا، وَهُوَ الَّذِي قَدْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ. فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يَتَزَوَّجْ، فَإِنَّ حدَّه مِائَةُ جَلْدَةٍ [2] كَمَا فِي الْآيَةِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُغرّب عَامًا [عَنْ بَلَدِهِ] [3] عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ؛ فَإِنَّ عِنْدَهُ أَنَّ التغريبَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ غَرَّب وَإِنْ شَاءَ لَمْ يغرِّب.
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتبة بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنيّ، فِي الْأَعْرَابِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَا رسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفا -يَعْنِي أَجِيرًا -عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ [ابْنِي [ [4] مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَليدَة، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ [5] عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وتغريبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وتغريبُ عَامٍ. وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ -لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ -إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا [6] .
فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى تَغْرِيبِ الزَّانِي مَعَ جِلْدِ مِائَةٍ إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يَتَزَوَّجْ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، كَمَا قال الإمام مالك:

[1] في أ: "إلى".
[2] في ف، أ: "جلد مائة".
[3] زيادة من ف، أ.
[4] زيادة من ف، أ، وصحيحي البخاري ومسلم.
[5] في أ: "إنما".
[6] صحيح البخاري برقم (2314، 6633) وصحيح مسلم برقم (1697) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 5
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست