responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 185
أَبَدًا [1] .
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ البَرْزيّ -مَنْ أَهْلِ "بَرْزَةَ" مِنْ غَوْطَةِ دِمَشْقَ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ يَصُومُ [يَوْمَ] [2] الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَكَانَ أَعْوَرَ قَدْ بَلَغَ الثَّمَانِينَ -فَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ عَوَره، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ شُهُورًا، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ نَزَلَا عِنْدَهُ جُمْعَةً فِي قَرْيَةِ بِرْزَةَ، وَسَأَلَاهُ عَنْ وادٍ بِهَا، فَأَرَيْتُهُمَا إِيَّاهُ، فَأَخْرَجَا مَجَامِرَ وَأَوْقَدَا فِيهَا بَخُورًا كَثِيرًا، حَتَّى عَجْعَجَ الْوَادِي بِالدُّخَانِ، فَأَخَذَا يَعْزمان وَالْحَيَّاتُ تُقْبِلُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ إِلَيْهِمَا، فَلَا يَلْتَفِتَانِ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا، حَتَّى أَقْبَلَتْ حَيَّةٌ نَحْوَ الذِّرَاعِ، وَعَيْنَاهَا تُوقِدَانِ مِثْلَ الدِّينَارِ. فَاسْتَبْشَرَا بِهَا عَظِيمًا، وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُخَيب سَفَرَنَا مِنْ سَنَةٍ، وَكَسَرَا الْمَجَامِرَ، وَأَخَذَا الْحَيَّةَ فَأَدْخَلَا فِي عَيْنِهَا مِيلًا فَاكْتَحَلَا بِهِ، فَسَأَلْتُهُمَا أَنْ يُكَحِّلَانِي، فَأَبَيَا، فَأَلْحَحْتُ عَلَيْهِمَا وَقُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، وَتَوَعَّدْتُهُمَا بِالدَّوْلَةِ، فَكَحَّلَا عَيْنِيَ الْوَاحِدَةَ الْيُمْنَى، فَحِينَ وَقَعَ فِي عَيْنِي نَظَرْتُ إِلَى الْأَرْضِ تَحْتِي مِثْلَ الْمِرْآةِ، أَنْظُرُ مَا تَحْتَهَا كَمَا تُري الْمِرْآةُ، ثُمَّ قَالَا لِي: سِرْ مَعَنَا قَلِيلًا فَسِرْتُ مَعَهُمَا وَهُمَا يُحَدِّثَانِ، حَتَّى إِذَا بَعُدْتُ عَنِ الْقَرْيَةِ، أَخَذَانِي فَكَتَّفَانِي، وَأَدْخَلَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ فِي عَيْنِي فَفَقَأَهَا، وَرَمَى بِهَا وَمَضَيَا. فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ مُلْقًى مَكْتُوفًا، حَتَّى مَرَّ بِي نَفَرٌ ففَكَّ وَثَاقي. فَهَذَا مَا كَانَ مِنْ خَبَرِ عَيْنِي [3] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبّاد بْنُ مَيْسَرة المِنْقَرِيّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: اسْمُ هُدْهُدِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَنْبَرٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذَا غَدَا إِلَى مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِيهِ: تَفَقَّدَ الطَّيْرَ، وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ يَأْتِيهِ نُوَبٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الطَّيْرِ، كُلَّ يَوْمٍ طَائِرٌ، فَنَظَرَ فَرَأَى مِنْ أَصْنَافِ الطَّيْرِ كُلِّهَا مَنْ حَضَره إِلَّا الْهُدْهُدَ، {فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} أَخْطَأَهُ بَصَرِي مِنَ الطَّيْرِ، أَمْ غَابَ فَلَمْ يَحْضُرْ؟.
وَقَوْلُهُ: {لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} : قَالَ الْأَعْمَشِ، عَنِ المِنْهَال بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي نَتْفَ رِيشِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: نَتْفُ رِيشِهِ وَتَشْمِيسُهُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّهُ نَتْفُ رِيشِهِ، وَتَرْكُهُ مُلْقًى يَأْكُلُهُ الذَّرُّ وَالنَّمْلُ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ لأذْبَحَنَّهُ} يَعْنِي: قَتْلَهُ، {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أَيْ: بِعُذْرٍ وَاضِحٍ بَيِّنٍ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: لَمَّا قَدِمَ الْهُدْهُدُ قَالَ لَهُ الطَّيْرُ: مَا خَلَّفَكَ، فَقَدْ نَذَرَ سُلَيْمَانُ دَمَكَ! فَقَالَ: هَلِ اسْتَثْنَى؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: {لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} فَقَالَ: نَجَوْتُ إِذًا.

[1] رواه الحاكم في المستدرك (2/405) من طريق الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بنحوه.
[2] زيادة من ف.
[3] تاريخ دمشق (19/130 "المخطوط") .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست