وهذا التمثيل
إن كان لأنفس المنافقين بأنفس المستوقدين فـ «الذي» في معنى الجمع لا غير [٢] ، وإن كان ذلك
تشبيه حالهم بحال المستوقد جاز فيه معنى الجمع والتوحيد ، لأنه إذا أريد به الحال
صار الواحد في معنى الجنس [٣] ، إذ لا يتعين به مستوقد بخلاف إرادة الذات.
١٨ (لا يَرْجِعُونَ) أي : إلى الإسلام أو عن الكفر [٤] ، لتنوع
الرجوع إلى
عاصم بن عمر بن
قتادة ، عن أشياخ منهم قالوا : فينا والله وفيهم ـ يعني في الأنصار ، وفي اليهود ـ
الذين كانوا جيرانهم ـ نزلت هذه القصة ، يعني : (وَلَمَّا
جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ
يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا)
قالوا : كنا قد علوناهم دهرا في الجاهلية ونحن أهل الشرك ، وهم أهل الكتاب ـ
فكانوا يقولون : إن نبيا الآن مبعثه قد أظل زمانه ، يقتلكم قتل عاد وإرم. فلما بعث
الله تعالى ذكره رسوله من قريش واتبعناه ، كفروا به. يقول الله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما
عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)
ا ه.
قال الشيخ أحمد شاكر في تخريج
هذا الحديث : «هذا له حكم الحديث المرفوع ، لأنه حكاية عن وقائع في عهد النبوة ،
كانت سببا لنزول الآية ، تشير الآية إليها. الراجح أن يكون موصولا. لأن عاصم بن
عمر بن قتادة الأنصاري الظفري المدني : تابعي ثقة ، وهو يحكي عن «أشياخ منهم» فهم
آله من الأنصار. وعن هذا رجحنا اتصاله» ا ه.
وانظر باقي الروايات الواردة
في استفتاح اليهود بالنبي صلىاللهعليهوسلم في تفسير الطبري : (٢ / ٣٣٣ ـ ٣٣٦) ، ودلائل النبوة لأبي نعيم : ١ / ٩٦ ،
ودلائل النبوة للبيهقي : (٢ / ٧٦ ، ٧٧) ، وأسباب النزول للواحدي : (٦٣ ، ٦٤) ،
والدر المنثور : (١ / ٢١٦ ، ٢١٧).
[١]قال ابن قتيبة
في تفسير غريب القرآن : ٥٨ : «كانت اليهود إذا قاتلت أهل الشرك استفتحوا عليهم ؛
أي استنصروا الله عليهم. فقالوا : اللهم انصرنا بالنبي المبعوث إلينا ... والاستفتاح :
الاستنصار».
وانظر تفسير الطبري : ٢ / ٣٣٢
، ومعاني القرآن للزجاج : ١ / ١٧١.
[٤]أخرج الطبري في
تفسيره : ١ / ٣٣٢ عن ابن عباس وعن مرّة عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم
: «فهم لا يرجعون» : فهم لا يرجعون إلى الإسلام. ونقل الماوردي في تفسيره : ١ / ٧٥
عن قتادة مثل هذا القول.