responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 48
وَقَدْ حَكَمَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ عُمَرُ مَعَ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ، وَحَكَمَ مَعَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَحَكَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مَعَ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ، وَحَكَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَعَ ابْنِ صَفْوَانَ. وَوَصَفَ ذَوا عَدْلٍ بِقَوْلِهِ: مِنْكُمْ أَيْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِلتَّحْذِيرِ مِنْ مُتَابَعَةِ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَمَلٍ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ فَلَعَلَّهُمْ يَدَّعُونَ مَعْرِفَةً خَاصَّةً بِالْجَزَاءِ.
وَقَوْلُهُ: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ حَالٌ مِنْ مِثْلُ مَا قَتَلَ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي (بِهِ) .
وَالْهَدْيُ مَا يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ فِي مَنْحَرِ مَكَّةَ. وَالْمَنْحَرُ: مِنًى وَالْمَرْوَةُ. وَلَمَّا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى هَدْياً فَلَهُ سَائِرُ أَحْكَامِ الْهَدْيِ الْمَعْرُوفَةِ. وَمَعْنَى بالِغَ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ فِي حَرَمِ الْكَعْبَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْحَرُ أَوْ يُذْبَحُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ عطف على فَجَزاءٌ وَسَمَّى الْإِطْعَامَ كَفَّارَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَزَاءٍ، إِذِ الْجَزَاءُ هُوَ الْعِوَضُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ. وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَلَا يُمَاثِلُ الصَّيْدَ وَإِنَّمَا هُوَ كَفَّارَةٌ تُكَفَّرُ بِهِ الْجَرِيمَةُ. وَقَدْ أَجْمَلَ الْكَفَّارَةَ فَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الطَّعَامِ وَلَا عَدَدَ الْمَسَاكِينِ. فَأَمَّا مِقْدَارُ الطَّعَامِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى الْحُكْمَيْنِ، وَقَدْ شَاعَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّ الْمُدَّ مِنَ الطَّعَامِ هُوَ طَعَامُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ مَالِكٌ بِمُدٍّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَقْدِيرُ الْإِطْعَامِ أَنْ يُقَوَّمَ الْجَزَاءُ مِنَ النَّعَمِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ ثُمَّ تُقَوَّمَ الدَّرَاهِمُ طَعَامًا. وَأَمَّا عَدَدُ الْمَسَاكِينَ فَهُوَ مُلَازِمٌ لِعَدَدِ الْأَمْدَادِ. قَالَ مَالِكٌ: أحسن مَا سمحت إِلَيَّ فِيهِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ الصَّيْدُ الَّذِي أَصَابَ وَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ، فَيُطْعِمُ مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَدَّرَ لِكُلِّ حَيَوَانٍ مُعَادِلًا مِنَ الطَّعَامِ. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَعْدِيلُ الظَّبْيِ بِإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالْأَيِّلِ بِإِطْعَامِ عِشْرِينَ مِسْكِينًا، وَحِمَارِ الْوَحْشِ بِثَلَاثِينَ، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى الْحَكَمَيْنِ.
وأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ تَقْتَضِي تَخْيِيرُ قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ أَمْرٍ وَقْعَ بِ «أَوْ» فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ مِنَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ. وَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، ثُمَّ قِيلَ: الْخِيَارُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا لِلْحَكَمَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالتَّخْيِيرِ، وَقِيلَ: الْخِيَارُ لِلْحَكَمَيْنِ. وَقَالَ بِهِ الثَّوْرِيُّ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست