responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 45
حَقِيقَةٌ. وَإِظْهَارُ فِعْلِ يَشْهَدُونَ مَعَ وُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِلتَّأْكِيدِ. وَحَرْفُ (لَكِنْ) بِسُكُونِ النُّونِ مُخَفَّفُ لَكِنَّ الْمُشَدَّدَةِ النُّونِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَخَوَاتِ (إِنَّ) وَإِذَا خُفِّفَتْ بَطُلَ عَمَلُهَا.
وَقَوْلُهُ: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً يَجْرِي عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَقَعَ تَحْوِيلٌ فِي تَرْكِيبِ الْجُمْلَةِ لِقَصْدِ الْإِجْمَالِ الَّذِي يَعْقُبُهُ التَّفْصِيلُ، لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النَّفْسِ. وَأَصْلُ الْكَلَامِ: يَشْهَدُ بِإِنْزَالِ مَا أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ لَمْ يُفَدِ الْمَشْهُودُ بِهِ إِلَّا ضِمْنًا مَعَ الْمَشْهُودِ فِيهِ إِذْ جِيءَ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ لِيُوصِلَ بِصِلَةٍ فِيهَا إِيمَاءٌ إِلَى الْمَقْصُودِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرِ الْمَقْصُودُ مِنَ الشَّهَادَةِ الَّذِي هُوَ حَقُّ مَدْخُولِ الْبَاءِ بَعْدَ مَادَّةِ شَهِدَ، فَتَكُونُ جُمْلَةُ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ مُكَمِّلَةَ مَعْنَى الشَّهَادَةِ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ التَّحْوِيلِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي تَمْيِيزِ النِّسْبَةِ. وَقَالَ
الزَّمَخْشَرِيُّ: «مَوْقِعُ قَوْلِهِ: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ مَوْقِعُ الْجُمْلَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِلشَّهَادَةِ وَأَنَّ شَهَادَتَهُ بِصِحَّتِهِ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِالنَّظْمِ الْمُعْجِزِ» . فَلَعَلَّهُ يَجْعَلُ جُمْلَةَ لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ مُسْتَقِلَّةً بِالْفَائِدَةِ، وَأَنَّ مَعْنَى بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ بِصِحَّةِ مَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ، وَمَا ذَكَرْتُهُ أَعْرَقُ فِي الْبَلَاغَةِ.
وَمَعْنَى أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ أَيْ مُتَلَبِّسًا بِعِلْمِهِ، أَيْ بَالِغًا الْغَايَةَ فِي بَابِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، شَأْنُ مَا يَكُونُ بِعِلْمٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُعْجِزٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، فَكَمَا أَعْجَزَ الْبُلَغَاءَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ أَعْجَزَ الْعُلَمَاءَ مِنْ أَهْلِ الْحَقَائِقِ الْعَالِيَةِ.
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَأَصْلُهُ: كَفَى اللَّهُ شَهِيدًا كَقَوْلِهِ:
كَفَى الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا أَوْ يُضَمَّنُ (كَفَى) مَعْنَى اقْتَنِعُوا، فَتَكُونُ الْبَاء للتعدية.
[167]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 167]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست