responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 150
أَبْطَلَ أَحْكَامَ الْكِتَابَيْنِ، وَأَمَّا كَوْنُ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعًا لَنَا عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ الْأُصُولِ، فَذَلِكَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُمُ الْقُرْآنُ لَا مَا يُوجَدُ فِي الْكِتَابَيْنِ، فَلَا يَسْتَقِيمُ اعْتِبَارُ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَلْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَالْفرْقَان فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ فَرَقَ كَالشُّكْرَانِ وَالْكُفْرَانِ وَالْبُهْتَانِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ قَالَ تَعَالَى: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ [الْأَنْفَال: 41] وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ. وَسُمِّيَ بِهِ الْقُرْآنُ قَالَ تَعَالَى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ [الْفرْقَان:
1] وَالْمُرَادُ بِالْفُرْقَانِ هُنَا الْقُرْآنُ لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفِي وَصْفِهِ بِذَلِكَ تَفْضِيلٌ لِهَدْيِهِ عَلَى هَدْيِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَعْظَمُ أَحْوَالِ الْهُدَى، لِمَا فِيهَا مِنَ الْبُرْهَانِ، وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ. وَإِعَادَةُ قَوْلِهِ: وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ بَعْدَ قَوْلِهِ: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِلِاهْتِمَامِ، وَلِيُوصِلَ الْكَلَامَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ [آل عمرَان: 4] الْآيَةَ أَيْ بِآيَاتِهِ فِي الْقُرْآنِ.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ.
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ مُمَهَّدٌ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِأَنَّ نَفْسَ السَّامِعِ تَتَطَلَّعُ إِلَى مَعْرِفَةِ عَاقِبَةِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا هَذَا التَّنْزِيلَ.
وَشَمَلَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ جَمِيعَهُمُ اشْتَرَكُوا فِي الْكُفْرِ بِالْقُرْآنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِآيَاتِ اللَّهِ- هُنَا- لِأَنَّهُ الْكِتَابُ الْوَحِيدُ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ. وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِالْمَوْصُولِ إِيجَازًا لِأَنَّ الصِّلَةَ تَجْمَعُهُمْ، وَالْإِيمَاءُ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ.
وَعُطِفَ قَوْلُهُ: وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لِأَنَّهُ مِنْ تَكْمِلَةِ هَذَا الِاسْتِئْنَافِ: لِمَجِيئِهِ مَجِيءَ التَّبْيِينِ لِشِدَّةِ عَذَابِهِمْ إِذْ هُوَ عَذَابُ عَزِيزٍ مُنْتَقِمٍ كَقَوْلِهِ: فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ [الْقَمَر: 42] .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست