responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 7
وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء [15] ، فَكَانَ هَذَا الْإِيجَازُ فِي الْآيَةِ بَدِيعًا لِحُصُولِ مَعْنَى بَيْتِ لَبِيَدٍ فِي ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ. وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى حَدَثٍ عَظِيمٍ حَدَثَ بِأَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ عَقِبَ دَعْوَةِ الْمُرْسَلِينَ وَهُوَ كَرَامَةٌ لِشُهَدَاءِ أَتْبَاعِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنْ كَانَتِ الصَّيْحَةُ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودٍ كَانَ الَّذِينَ خَمَدُوا بِهَا جَمِيعَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَلَعَلَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا كُلُّهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الرَّجُلِ الَّذِي وَعَظَهُمْ وَبَعْدَ مُغَادَرَةِ الرُّسُلِ الْقَرْيَةَ. وَلَكِنْ مِثْلُ هَذَا الْحَادِثِ لَمْ يَذْكُرِ التَّارِيخُ حُدُوثَهُ فِي أَنْطَاكِيَةَ، فَيَجُوزُ أَنْ يُهْمِلَ
التَّارِيخُ بَعْضَ الْحَوَادِثِ وَخَاصَّةً فِي أَزْمِنَةِ الِاضْطِرَاب والفتنة.
[30]

[سُورَة يس (36) : آيَة 30]
يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (30)
تَذْيِيلٌ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَاقِعٌ مَوْقِعَ الرَّثَاءِ لِلْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ الرُّسُلَ شَامِلٌ لِلْأُمَّةِ الْمَقْصُودَةِ بِسَوْقِ الْأَمْثَالِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ [يس: 13] ، وَاطِّرَادِ هَذَا السَنَنِ الْقَبِيحِ فِيهِمْ. فَالتَّعْرِيفُ فِي الْعِبادِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ اسْتِغْرَاقٌ ادِّعَائِيٌّ رُوعِيَ فِيهِ حَالُ الْأَغْلَبِ عَلَى الْأُمَمِ الَّتِي يَأْتِيهَا رَسُولٌ لِعَدَمِ الِاعْتِدَاءِ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِقِلَّةِ الَّذِينَ صَدَّقُوا الرُّسُلَ وَنَصَرُوهُمْ فَكَأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ قَدْ كَذَّبُوا.
والْعِبادِ: اسْمٌ لِلْبَشَرِ وَهُوَ جَمْعُ عَبْدٍ. وَالْعَبْدُ: الْمَمْلُوكُ وَجَمِيعُ النَّاسِ عَبِيدُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِمْ قَالَ تَعَالَى: رِزْقاً لِلْعِبادِ [ق: 11] ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاءَ:
أَمْسَى الْعِبَادُ بِشَرٍّ لَا غِيَاثَ لَهُمْ ... إِلَّا الْمُهَلَّبُ بَعْدَ اللَّهِ وَالْمَطَرُ
وَيُجْمَعُ عَلَى عَبِيدٍ وَعِبَادٍ وَغَلَبَ الْجَمْعُ الْأَوَّلُ عَلَى عَبْدٍ بِمَعْنَى مَمْلُوكٍ، وَالْجَمْعُ الثَّانِي عَلَى عَبْدٍ بِمَعْنَى آدَمِيِّ، وَهُوَ تَخْصِيصٌ حَسَنٌ مِنَ الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ.
وَالْحَسْرَةُ: شِدَّةُ النَّدَمِ مَشُوبًا بِتَلَهُّفٍ عَلَى نَفْعٍ فَائِتٍ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست