responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 20  صفحه : 217
وَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى نِيَّتَهِمْ فِي إِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا إِظْهَارَ الْإِسْلَامِ عُدَّةً لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ نَصْرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَخَارَةٍ فَيَجِدُونَ أَنَفْسَهُمْ مُتَعَرِّضِينَ لِفَوَائِدِ ذَلِكَ النَّصْرِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِقُرْبِ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ حِينَ دَخَلَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ وَكَانَ أَمْرُهُ فِي ازْدِيَادٍ.
وَتَأْكِيدُ جُمْلَةِ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ بِاللَّامِ الْمُوَطِّئَةِ لِلْقَسَمِ لِتَحْقِيقِ حُصُولِ الْجَوَابِ عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ، وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْقِيقَ وُقُوعِ الْأَمْرَيْنِ.
فَفِيهِ وَعْدٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَاصِرُ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ الْمُنَافِقِينَ قَائِلُونَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ حَصَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ ذَلِكَ مِنْ كَانَ حَيًّا مِنْ هَذَا الْفَرِيقِ، وَهُوَ قَوْلٌ يُرِيدُونَ بِهِ نَيْلَ رُتْبَةِ السَّابِقِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ. وَذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، وَسُهَيْلَ ابْن عَمْرٍو، وَجَمَاعَةً مِنْ وُجُوهِ الْعَرَبِ كَانُوا عَلَى بَابِ عُمَرَ يَنْتَظِرُونَ الْإِذْنَ لَهُمْ، وَكَانَ عَلَى الْبَابِ بِلَالٌ وَسَلْمَانُ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَخَرَجَ إِذْنُ عُمَرَ أَنْ يَدْخُلَ سَلْمَانُ وَبِلَالٌ وَعَمَّارٌ فَتَمَعَّرَتْ وُجُوهُ الْبَقِيَّةِ فَقَالَ لَهُمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: «لَمْ تَتَمَعَّرْ وُجُوهُكُمْ، دُعُوا وَدُعِينَا فَأَسْرَعُوا وَأَبْطَأَنَا وَلَئِنْ حَسَدْتُمُوهُمْ عَلَى بَابِ عُمَرَ لَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُ» .
وَقَوْلُهُ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ تَذْيِيلٌ، وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ، وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ إِنْكَارًا عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَقَوْلَهُمْ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ، لأَنهم قَالُوا قَوْلهم ذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنْ يَرُوجَ كَذِبُهُمْ وَنِفَاقُهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَكَانَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ مُتَضَمِّنًا أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي قَوْلَيْهِمُ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَالْخِطَابُ مُوَجَّهٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَصْدِ إِسْمَاعِهِمْ هَذَا الْخِطَابَ فَإِنَّهُمْ يَحْضُرُونَ مَجَالِسَ النَّبِيءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَيَسْتَمِعُونَ مَا يُنَزَّلُ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَا يُتْلَى مِنْهُ بَعْدَ نُزُولِهِ، فَيَشْعُرُونَ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَى ضَمَائِرِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيًّا وَجَّهَ اللَّهُ بِهِ الْخِطَابَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ التَّقْرِيرِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ إِنْبَائِهِ بِأَحْوَالِ الْمُلْتَبِسِينَ بِالنِّفَاقِ. وَهَذَا الْأُسْلُوبُ شَائِعٌ فِي الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ وَكَثِيرًا مَا يَلْتَبِسُ بِالْإِنْكَارِيِّ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا الْمَقَامُ، أَيْ فَلَا تُصَدِّقْ مَقَالَهُمْ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 20  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست