responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 440
إِذِ الْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ لَا حَقَّ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا، فَلَا تُرْضِعُ لَهُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهَا. مَا لَمْ يَعْرِضْ فِي الْحَالَيْنِ مَانِعٌ أَوْ مُوجِبٌ، مِثْلُ عَجْزِ الْمَرْأَةِ فِي الْعِصْمَةِ عَنِ الْإِرْضَاعِ لِمَرَضٍ، وَمِثْلُ امْتِنَاعِ الصَّبِيِّ مِنْ رَضَاعِ غَيْرِهَا، إِذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً بِحَيْثُ يُخْشَى عَلَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا وَهِيَ ذَاتُ الْقَدْرِ، قَدْ عَلِمَ الزَّوْجُ حِينَمَا تَزَوَّجَهَا أَنَّ مِثْلَهَا لَا يُرْضِعُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا حَقُّ الْإِرْضَاعِ. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، إِذِ الْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عُرْفًا مِنْ قَبْلِ الْإِسْلَامِ وَتَقَرَّرَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ جَرَى فِي كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ: أَنَّ مَالِكًا خَصَّصَ عُمُومَ الْوَالِدَاتِ بِغَيْرِ ذَوَاتِ الْقَدْرِ، وَأَنَّ الْمُخَصَّصَ هُوَ الْعُرْفُ، وَكُنَّا نُتَابِعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنِّي الْآنَ لَا أَرَى ذَلِكَ مُتَّجِهًا وَلَا أَرَى مَالِكًا عَمَدَ إِلَى التَّخْصِيصِ أَصْلًا، لِأَنَّ الْآيَةَ غَيْرُ مَسُوقَةٍ لِإِيجَابِ الْإِرْضَاعِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَوْلُهُ: إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى الْمَرَاضِعِ أُجُورَهُنَّ.
فَالْمُرَادُ بِمَا آتَيْتُمُ: الْأَجْرُ، وَمَعْنَى آتَى فِي الْأَصْلِ دَفَعَ لِأَنَّهُ مُعَدَّى أَتَى بِمَعْنَى وَصَلَ، وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ إِذَا أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِلْمُسْتَقْبَلِ مُضَمَّنًا مَعْنَى الشَّرْطِ، لَمْ يَلْتَئِمْ أَنْ يَكُونَ مَعَ فِعْلِ آتَيْتُمْ الْمَاضِي.
وَتَأَوَّلَ فِي «الْكَشَّافِ» آتَيْتُمْ بِمَعْنَى: أَرَدْتُمْ إِيتَاءَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [الْمَائِدَة: 6] تَبَعًا لِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ، وَالْمَعْنَى: إِذَا سَلَّمْتُمْ أُجُورَ الْمَرَاضِعِ بِالْمَعْرُوفِ، دُونَ إِجْحَافٍ وَلَا مَطْلٍ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ آتَيْتُمْ بِتَرْكِ هَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ. فَالْمَعْنَى عَلَيْهِ: إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا جِئْتُمْ، أَيْ مَا قَصَدْتُمْ، فَالْإِتْيَانُ حِينَئِذٍ مَجَازٌ عَنِ الْقَصْدِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الصافات: 84] وَقَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا ... تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ
وَقَوْلُهُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ تَذْيِيلٌ لِلتَّخْوِيفِ، وَالْحَثِّ عَلَى مُرَاقَبَةِ مَا شَرَعَ اللَّهُ، مِنْ غَيْرِ محاولة وَلَا مكابدة، وَقَوْلُهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَذْكِيرٌ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَدَ عَلِمُوهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيره آنِفا.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 440
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست