responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 439
وَإِنَّمَا يُتَوَقَّعُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأُمُّ مَوْجُودَةً وَأُرِيدَ صَرْفُ الِابْنِ عَنْهَا إِلَى مُرْضِعٍ أُخْرَى، لِسَبَبٍ مُصْطَلَحٍ عَلَيْهِ، وَهُمَا لَا يُرِيدَانِ ذَلِكَ إِلَّا حَيْثُ يَتَحَقَّقُ عَدَمُ الضُّرِّ لِلِابْنِ، فَلَوْ عُلِمَ ضُرُّ الْوَلَدِ لَمْ يَجُزْ، وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَرْضِعُ لِأَوْلَادِهَا، لَا سِيَّمَا أَهْلَ الشَّرَفِ.
وَفِي الْحَدِيثِ «وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ»
. وَالِاسْتِرْضَاعُ أَصْلُهُ طَلَبُ إِرْضَاعِ الطِّفْلِ، أَيْ طَلَبُ أَنْ تُرْضِعَ الطِّفْلَ غَيْرُ أُمِّهِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِي (تَسْتَرْضِعُوا) لِلطَّلَبِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، وَأَصْلُهُ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا مَرَاضِعَ لِأَوْلَادِكُمْ، لِأَنَّ الْفِعْلَ يُعَدَّى بِالسِّينِ وَالتَّاءِ الدَّالَّيْنِ عَلَى الطَّلَبِ إِلَى الْمَفْعُولِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْفِعْلُ فَلَا يَتَعَدَّى إِلَّا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَمَا بَعْدَهُ يُعَدَّى إِلَيْهِ بِالْحَرْفِ وَقَدْ يُحْذَفُ الْحَرْفُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، كَمَا حُذِفَ فِي اسْتَرْضَعَ وَاسْتَنْجَحَ، فَعُدِّيَ الْفِعْلُ إِلَى الْمَجْرُورِ عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ،
وَفِي الْحَدِيثِ «وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ»
وَوَقَعَ فِي «الْكَشَّافِ» مَا يَقْتَضِي أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ دَخَلَتَا عَلَى الْفِعْلِ الْمَهْمُوزِ الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِدٍ فَزَادَتَاهُ تَعْدِيَةً لِثَانٍ، وَأَصْلُهُ أَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ، فَإِذَا قُلْتَ: اسْتَرْضَعْتُهَا صَارَ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّنَا نَنْظُرُ إِلَى الْحَدَثِ الْمُرَادِ طَلَبُهُ، فَإِنْ كَانَ حَدَثًا قَاصِرًا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ السِّينُ وَالتَّاءُ، عُدِّيَ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، نَحْوَ اسْتَنْهَضْتُهُ فَنَهَضَ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ السِّينُ وَالتَّاءُ عُدِّيَ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، نَحْوَ اسْتَرْضَعْتُهَا فَأَرْضَعَتْ، وَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْقَرِينَةِ، إِذْ لَا يُطْلَبُ أَصْلُ الرَّضَاعِ لَا
مِنَ الْوَلَدِ وَلَا مِنَ الْأُمِّ، وَكَذَا: اسْتَنْجَحْتُ اللَّهَ سَعْيِي، إِذْ لَا يُطْلَبُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِنْجَاحُ السَّعْيِ، وَلَا مَعْنَى لِطَلَبِ نَجَاحِ اللَّهِ، فَبِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الْفِعْلِ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، أَوْ إِلَى الثَّانِي بِحَذْفِ الْحَرْفِ، نَرَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَسَلُّطِ الطَّلَبِ عَلَى الْفِعْلِ هُنَا أَصْلًا، عَلَى أَنَّهُ لَوْلَا هَذَا الِاعْتِبَارُ، لَتَعَذَّرَ طَلَبُ وُقُوعِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي بِالسِّينِ وَالتَّاءِ، وَهُوَ قَدْ يَطْلُبُ حُصُولَهُ فَمَا أَوْرَدُوهُ عَلَى «الْكَشَّافِ» : مِنْ أَنَّ حُرُوفَ الزِّيَادَةِ إِنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمُجَرَّدِ لَا الْمَزِيدِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ حُرُوفَ الزِّيَادَةِ إِذَا تَكَرَّرَتْ، وَكَانَتْ لِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ جَازَ اعْتِبَارُ بَعْضِهَا دَاخِلًا بَعْدَ بَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ مَدْخُولُهَا كُلِّهَا هُوَ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ.
وَقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يُرْضِعْنَ تَشْرِيعَ وُجُوبِ الْإِرْضَاعِ عَلَى الْأُمَّهَاتِ، بَلِ الْمَقْصُودُ تَحْدِيدُ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ وَوَاجِبَاتُ الْمُرْضِعِ عَلَى الْأَبِ، وَأَمَّا إِرْضَاعُ الْأُمَّهَاتِ فَمَوْكُولٌ إِلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ، فَالْمَرْأَةُ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ، إِذَا كَانَ مِثْلُهَا يُرْضِعُ، يُعْتَبَرُ إِرْضَاعُهَا أَوْلَادَهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا فِي الْعِصْمَةِ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست