responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 363
وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا الْعَبْدِ أَعْلَمَ مِنْ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّهُ يَعْلَمُ عُلُومًا مِنْ مُعَامَلَةِ النَّاسِ لَمْ يُعَلِّمْهَا اللَّهُ لِمُوسَى. فَالتَّفَاوُتُ فِي الْعِلْمِ فِي هَذَا الْمَقَامِ تَفَاوُتٌ بِفُنُونِ الْعُلُومِ، وَهُوَ تَفَاوُتٌ نِسْبِيٌّ.
وَالْخَضِرُ: اسْمُ رَجُلٍ صَالِحٍ. قِيلَ: هُوَ نَبِيءٌ مِنْ أَحْفَادِ عَابِرَ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامَ. فَهُوَ الْخَضِرُ بْنُ مَلْكَانَ بْنِ فَالِغَ بْنِ عَابِرَ، فَيَكُونُ ابْنَ عَمِّ الْجَدِّ الثَّانِي لِإِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-. وَقِيلَ: الْخَضِرُ لَقَبُهُ. وَأَمَّا اسْمُهُ فَهُوَ (بَلْيَا) بِمُوَحَّدَةٍ أَوْ إِيلْيَا بِهَمْزَةٍ وَتَحْتِيَّةٍ.
وَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُعَمِّرِينَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ حَيًّا اخْتِلَافًا لَمْ يُبْنَ عَلَى أَدِلَّةٍ مَقْبُولَةٍ مُتَعَارَفَةٍ وَلَكِنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى أَقْوَالِ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ، وَهِيَ لَا يَنْبَغِي اعْتِمَادُهَا لِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ مِنَ الرُّمُوزِ وَالْخَلْطِ بَيْنَ الْحَيَاتَيْنِ الرُّوحِيَّةِ وَالْمَادِّيَّةِ، وَالْمُشَاهَدَاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْكَشْفِيَّةِ، وَقَدْ جَعَلُوهُ رَمْزَ الْعُلُومِ الْبَاطِنِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْخَضِرَ هُوَ جِرْجِسْ: وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عِيسُو بْنِ إِسْحَاقَ.
وَقِيلَ: هُوَ نَبِيءٌ بُعِثَ بَعْدَ شُعَيْبٍ.
وجرجس الْمَعْنَى هُوَ الْمَعْرُوف باسم مار جرجس. وَالْعرب يسمونه: مار سرجس كَمَا فِي «كِتَابِ سِيبَوَيْهِ» . وَهُوَ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ وُلِدَ فِي الرَّمْلَةِ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ مِنَ الْقَرْنِ الثَّالِثِ بَعْدَ مَوْلِدِ عِيسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 303 وَهُوَ مِنَ الشُّهَدَاءِ. وَهَذَا يُنَافِي كَوْنَهُ فِي زَمَنِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَالْخَضِرُ لَقَبٌ لَهُ، أَيِ الْمَوْصُوفُ بِالْخُضْرَةِ، وَهِيَ رَمْزُ الْبَرَكَةِ، قِيلَ: لُقِّبَ خَضِرًا لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ، أَيِ اخْضَرَّ بِالنَّبَاتِ مِنْ أَثَرِ بَرَكَتِهِ. وَفِي «دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ» ذُكِرَتْ تَخَرُّصَاتٌ تُلْصِقُ قِصَّةَ الْخَضِرِ بِقِصَصٍ بَعْضُهَا فَارِسِيَّةٌ وَبَعْضُهَا
رُومَانِيَّةٌ وَمَا رَائِدُهُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مُجَرَّدُ التَّشَابُهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْقِصَصِ، وَذَلِكَ التَّشَابُهُ لَا تَخْلُو عَنْهُ الْأَسَاطِيرُ وَالْقِصَصُ فَلَا يَنْبَغِي إِطْلَاقُ الْأَوْهَامِ وَرَاءَ أَمْثَالِهَا.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست