responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 362
فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا وَمُوسَى نَائِمٌ، فَقَالَ فَتَاهُ (وَكَانَ لَمْ يَنَمْ) : لَا أُوقِظُهُ وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جَرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ الْمَاءُ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ (مُوسَى) نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْحُوتِ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ (أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ مُيَسِّرٌ أَسْبَابَ الِامْتِثَالِ لِأَوْلِيَائِهِ:
فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا. قَالَ: فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا. فَقَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، قَالَ: رَجَعَا يَقُصَّانِ آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى ثَوْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى. فَقَالَ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ
... الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: «وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ» اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ، وَالْكَافُ خِطَابٌ لِلَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ فَكَانَ الْخَضِرُ يَظُنُّ ذَلِكَ الْمَكَانَ لَا يُوجَدُ بِهِ قَوْمٌ تَحِيَّتُهُمُ السَّلَامُ، إِمَّا لِكَوْنِ ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ خَلَاءً وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مَأْهُولًا بِأُمَّةٍ لَيْسَتْ تَحِيَّتُهُمُ السَّلَامَ.
وَإِنَّمَا أَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جَرْيَةَ الْمَاءِ لِيَكُونَ آيَةً مَشْهُودَةً لِمُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَفَتَاهُ زِيَادَةً فِي أَسْبَابِ قُوَّةِ يَقِينِهِمَا، وَلِأَنَّ الْمَكَانَ لَمَّا كَانَ ظَرْفًا لِظُهُورِ مُعْجِزَاتِ عِلْمِ
النُّبُوءَةِ نَاسَبَ أَنْ يُحَفَّ بِهِ مَا هُوَ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ إِكْرَامًا لِنُزَلَاءِ ذَلِكَ الْمَكَانِ.
وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي أَنَّهُ مَكَانٌ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَصَبُّ نَهْرِ الْأُرْدُنِّ فِي بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَإِنَّهُ النَّهْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي يَمُرُّ بِجَانِبِ الْأَرْضِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَقَوْمُهُ. وَكَانَتْ تُسَمَّى عِنْدَ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ بَحْرَ الْجَلِيلِ، فَإِنَّ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بَلَغَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَسِيرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ رَاجِلًا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَكَانًا بَعِيدًا جِدًّا.
وَأَرَادَ مُوسَى أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ الْعَبْدَ الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَجَعَلَهُ مِيقَاتًا لَهُ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست