responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 331
وَمِنَ الْإِعْجَازِ الْعِلْمِيِّ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ جَمَعَتْ أُصُولَ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ الْحَقِّ، وَهِيَ الْبُرْهَانُ وَالْخَطَابَةُ وَالْجَدَلُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي عِلْمِ الْمَنْطِقِ بِالصِّنَاعَاتِ وَهِيَ الْمَقْبُولَةُ مِنَ الصِّنَاعَاتِ. وَأَمَّا السَّفْسَطَةُ وَالشِّعْرُ فَيَرْبَأُ عَنْهُمَا الْحُكَمَاءُ الصَّادِقُونَ بَلْهَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ.
قَالَ فَخْرُ الدِّينِ: «إِنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَقَالَةِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى حُجَّةٍ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الْحُجَّةِ إِمَّا تَقْرِيرُ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ الِاعْتِقَادِ فِي قُلُوبِ السَّامِعِينَ، وَإِمَّا إِلْزَامُ الْخَصْمِ وَإِفْحَامُهُ.
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ لِأَنَّ تِلْكَ الْحُجَّةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ حُجَّةً حَقِيقِيَّةً يَقِينِيَّةً مُبَرَّأَةً مِنِ احْتِمَالِ النَّقِيضِ، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ بَلْ تَكُونَ مُفِيدَةً ظَنًّا ظَاهِرًا وَإِقْنَاعًا، فَظَهَرَ انْحِصَارُ الْحُجَجِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ:
أَوَّلُهَا: الْحُجَّةُ الْمُفِيدَةُ لِلْعَقَائِدِ الْيَقِينِيَّةِ وَذَلِكَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِكْمَةِ.
وَثَانِيهَا: الْأَمَارَاتُ الظَّنِّيَّةُ وَهِيَ الْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ.
وَثَالِثُهَا: الدَّلَائِلُ الَّتِي الْقَصْدُ مِنْهَا إِفْحَامُ الْخَصْمِ وَذَلِكَ هُوَ الْجَدَلُ.
وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ، لِأَنَّهُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ مُسَلَّمَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْجَدَلُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَحْسَنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ مُقَدِّمَاتٍ بَاطِلَةٍ يُحَاوِلُ قَائِلُهَا تَرْوِيجَهَا عَلَى الْمُسْتَمِعِينَ بِالْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ. وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْفَضْلِ» اه.
وَهَذَا هُوَ الْمَدْعُوُّ فِي الْمَنْطِقِ بِالسَّفْسَطَةِ، وَمِنْهُ الْمُقَدِّمَاتُ الشِّعْرِيَّةُ وَهِيَ سَفْسَطَةٌ مُزَوَّقَةٌ.
وَالْآيَةُ جَامِعَةٌ لِأَقْسَامِ الْحُجَّةِ الْحَقِّ جَمْعًا لِمَوَاقِعِ أَنْوَاعِهَا فِي طُرُقِ الدَّعْوَةِ، وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ التَّدَاخُلِ، لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَايُنِ وَالتَّقْسِيمِ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْمَنْطِقِيِّينَ، فَإِنَّ الْحُجَجَ الِاصْطِلَاحِيَّةَ عِنْدَهُمْ بَعْضُهَا قَسِيمٌ لِبَعْضٍ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست