responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 181
عَلَى رَدِّ مَا غَوَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ مَعْنَاهُ: لَنْ تَسْتَطِيعَ طَلَبَ غَيْرِهِ بَدَلًا مِنْهُ، وَبَلَّغَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ مَا تَرَجَّاهُ مِنْ هَلَاكِ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ الْكَافِرِ وَإِبَادَتِهِ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّ فِي قَوْلِهِ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أُحِيطَ بِثَمَرِهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِهْلَاكِ وَأَصْلُهُ مِنْ أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ وَهُوَ اسْتِدَارَتُهُ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَمَتَى أَحَاطَ بِهِ مَلَكَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ إِهْلَاكٍ وَمِنْهُ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ [1] . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْإِحَاطَةُ كِنَايَةٌ عَنْ عُمُومِ الْعَذَابِ وَالْفَسَادِ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِحَاطَةَ كَانَتْ لَيْلًا لِقَوْلِهِ فَأَصْبَحَ عَلَى أَنَّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى فَأَصْبَحَ فَصَارَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِ الْخَبَرِ بِالصَّبَاحِ، وَتَقْلِيبُ كَفَّيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُبْدِي بَاطِنَ كَفِّهِ ثُمَّ يُعْوِجُ كَفَّهُ حَتَّى يَبْدُوَ ظَهْرُهَا، وَهِيَ فِعْلَةُ النَّادِمِ الْمُتَحَسِّرِ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فَاتَهُ، الْمُتَأَسِّفِ عَلَى فِقْدَانِهِ، كَمَا يُكَنَّى بِقَبْضِ الْكَفِّ وَالسُّقُوطِ فِي الْيَدِ. وَقِيلَ: يُصَفِّقُ بِيَدِهِ عَلَى الأخرى ويُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ظهر البطن. وَقِيلَ: يَضَعُ بَاطِنَ إِحْدَاهُمَا عَلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْفِعْلُ كِنَايَةً عَنِ النَّدَمِ عَدَّاهُ تَعْدِيَةَ فِعْلِ النَّدَمِ فَقَالَ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها كَأَنَّهُ قَالَ: فَأَصْبَحَ نَادِمًا عَلَى ذَهَابِ مَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ تِلْكَ الْجَنَّةِ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي أَوَاخِرِ الْبَقَرَةِ. وَتَمَنِّيهِ انْتِفَاءَ الشِّرْكِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الدُّنْيَا عَلَى جِهَةِ التَّوْبَةِ بَعْدَ حُلُولِ الْمُصِيبَةِ، وَفِي ذَلِكَ زَجْرٌ لِلْكَفَرَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا يَجِيءَ لَهُمْ حَالٌ يُؤْمِنُونَ فِيهَا بَعْدَ نِقَمٍ تَحُلُّ بِهِمْ، قِيلَ: أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا نَارًا فَأَكَلَتْهَا فَتَذَكَّرَ مَوْعِظَةَ أَخِيهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ أُتِيَ مِنْ جِهَةِ شِرْكِهِ وَطُغْيَانِهِ فَتَمَنَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ مُشْرِكًا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: هِيَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْكَافِرِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَلَمَّا افْتَخَرَ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَعَزَّةِ نَفَرِهِ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ أَيْ جَمَاعَةٌ تَنْصُرُهُ وَلَا كَانَ هُوَ مُنْتَصِرًا بِنَفْسِهِ، وَجَمَعَ الضَّمِيرَ فِي يَنْصُرُونَهُ عَلَى الْمَعْنَى كَمَا أَفْرَدَهُ عَلَى اللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [2] وَاحْتُمِلَ النَّفْيُ أَنْ يَكُونَ مُنْسَحِبًا عَلَى الْقَيْدِ فَقَطْ، أَيْ لَهُ فِئَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَصْرِهِ. وَأَنْ يَكُونَ مُنْسَحِبًا عَلَى الْقَيْدِ، وَالْمُرَادُ انْتِفَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ مَا هُوَ وَصْفٌ لَهُ أَيْ لَا فِئَةَ فَلَا نَصْرَ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا بِقُوَّةٍ عَنِ انْتِقَامِ اللَّهِ.
وقرأ الأخوان وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَأَيُّوبُ وَخَلَفٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ وابن سعدان وابن عيسى الْأَصْبَهَانِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَلَمْ يَكُنْ بِالْيَاءِ لِأَنَّ تَأْنِيثَ الْفِئَةِ مَجَازٌ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ وَالْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ بِالتَّاءِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ فِئَةٌ تَنْصُرُهُ على اللفظ

[1] سورة يوسف: 12/ 66.
[2] سورة آل عمران: 3/ 13.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست