responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 180
ثُمَّ أَرْدَفَ تِلْكَ النَّصِيحَةَ بِتَرْجِيَةٍ مِنَ اللَّهِ، وَتَوَقَّعَهُ أَنْ يَقْلِبَ مَا بِهِ وَمَا بِصَاحِبِهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى. فَقَالَ: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَداً أَيْ إِنِّي أَتَوَقَّعُ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِحْسَانِهِ أَنْ يَمْنَحَنِي جَنَّةً خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ لِإِيمَانِي بِهِ، وَيُزِيلَ عَنْكَ نِعْمَتَهُ لِكُفْرِكَ بِهِ وَيُخَرِّبُ بُسْتَانَكَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَقَلَّ بِالنَّصْبِ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِتَرَنِي وَهِيَ عِلْمِيَّةٌ لَا بَصَرِيَّةٌ لِوُقُوعِ أَنَا فَصْلًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَوْكِيدًا لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي تَرَنِي، وَيَجُوزُ أَنْ تكون بصرية وأَنَا تَوْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ فِي تَرَنِي الْمَنْصُوبِ فَيَكُونُ أَقَلَّ حَالًا. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ أَقَلَّ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنْ تكون أنا مبتدأ، وأَقَلَّ خبره، والجملة في موضع مَفْعُولِ تَرَنِي الثَّانِي إِنْ كَانَتْ عِلْمِيَّةً، وَفِي مَوْضِعِ الْحَالِ إِنْ كَانَتْ بَصَرِيَّةً. وَيَدُلُّ قَوْلُهُ وَوَلَداً عَلَى أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِهِ وَأَعَزُّ نَفَراً [1] عَنَى بِهِ الْأَوْلَادَ إِنْ قَابَلَ كَثْرَةَ الْمَالِ بِالْقِلَّةِ وَعِزَّةَ النَّفَرِ بِقِلَّةِ الْوَلَدِ.
وَالْحُسْبَانِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: الْعَذَابُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْبَرْدُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
النَّارُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْقَضَاءُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: سِهَامٌ تُرْمَى فِي مَجْرًى فَقَلَّمَا تخطىء.
وَقِيلَ: النَّبْلُ. وَقِيلَ: الصَّوَاعِقُ. وَقِيلَ: آفَةٌ مُجْتَاحَةٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَذَابُ حُسْبَانٍ وَذَلِكَ الْحُسْبَانُ حِسَابُ مَا كَسَبَتْ يَدَاكَ، وَهَذَا التَّرَجِّي إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَنْ يُؤْتِيَهُ فِي الدُّنْيَا فَهِيَ أَنَكَى لِلْكَافِرِ وَآلَمُ إِذْ يَرَى حَالَهُ مِنَ الْغِنَى قَدِ انْتَقَلَتْ إِلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَنْ يُؤْتِيَهُ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ أَشْرَفُ وَأَذْهَبُ مَعَ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً أَيْ أَرْضًا بَيْضَاءَ لَا نَبَاتَ فِيهَا لَا مِنْ كَرْمٍ وَلَا نَخْلٍ وَلَا زَرْعٍ، قَدِ اصْطُلِمَ جَمِيعُ ذَلِكَ فَبَقِيَتْ يَبَابًا قَفْرًا يُزْلَقُ عَلَيْهَا لِإِمْلَاسِهَا، وَالزَّلَقُ الَّذِي لَا تَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ ذَهَبَ غِرَاسُهُ وَبِنَاؤُهُ وَسُلِبَ الْمَنَافِعَ حَتَّى مَنْفَعَةَ الْمَشْيِ فِيهِ فَهُوَ وَحْلٌ لَا يَنْبُتُ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الزَّلَقُ الطَّرِيقُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ. وَقِيلَ: الْخَرَابُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رَمْلًا هَائِلًا. وَقِيلَ: الزَّلَقُ الْأَرْضُ السَّبْخَةُ وَتَرَجِّي الْمُؤْمِنِ لِجَنَّةِ هَذَا الْكَافِرِ آفَةً عُلْوِيَّةً مِنَ السَّمَاءِ أَوْ آفَةً سُفْلِيَّةً مِنَ الْأَرْضِ، وَهُوَ غَوْرُ مَائِهَا فَيُتْلَفُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَغَوْرٌ مَصْدَرٌ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ أَصْبَحَ على سبيل المبالغة وأَوْ يُصْبِحَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُرْسِلَ لأن غؤور الْمَاءِ لَا يَتَسَبَّبُ عَلَى الْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ إِلَّا إِنْ عَنَى بِالْحُسْبَانِ الْقَضَاءَ الْإِلَهِيَّ، فَحِينَئِذٍ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ إِصْبَاحَ الْجَنَّةِ صَعِيداً زَلَقاً أَوْ إِصْبَاحَ مَائِهَا غَوْراً.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ غَوْراً بِفَتْحِ الْغَيْنِ. وَقَرَأَ الْبُرْجُمِيُّ: غَوْراً بِضَمِّ الْغَيْنِ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَهَمْزِ الْوَاوِ يَعْنُونَ وَبِوَاوٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ فَيَكُونُ غؤورا كَمَا جَاءَ فِي مَصْدَرِ غارت عينه غؤورا، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَاءِ أَيْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَى طَلَبِهِ لِكَوْنِهِ ليس مقدورا

[1] سورة الكهف: 18/ 39.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 7  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست