responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 547
أَحْكَامِهَا، مِنْ حَلَالٍ، وَحَرَامٍ، وَمَنْدُوبٍ، وَمَكْرُوهٍ، وَمُبَاحٍ أَوِ الثَّوَابُ وَالْجَزَاءُ، فَعَظَّمَهُ مِنْ جِهَةِ السَّعَةِ وَالْكَثْرَةِ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [1] ، أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَعَلَى هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ تَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ، وَالْأَظْهَرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ: سَبَبُ نُزُولِهَا، فِيمَا ذَكَرُوا، أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا حَسَدُوا الْمُسْلِمِينَ فِي التَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَطَعَنُوا فِي الْإِسْلَامِ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِأَمْرٍ الْيَوْمَ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ غَدًا، وَيَقُولُ الْيَوْمَ قَوْلًا، وَيَرْجِعُ عَنْهُ غَدًا، مَا هَذَا الْقُرْآنُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّهُ يُنَاقِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَنَزَلَتْ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُفَسِّرُونَ هُنَا فِي حَقِيقَةِ النَّسْخِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ، وَمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَفِي جَوَازِهِ عَقْلًا، وَوُقُوعِهِ شَرْعًا، وَبِمَاذَا يُنْسَخُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ النَّسْخِ وَدَلَائِلِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ، وَطَوَّلُوا فِي ذَلِكَ. وَهَذَا كُلُّهُ مَوْضُوعُهُ عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ، فَيُبْحَثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِيهِ. وَهَكَذَا جَرَتْ عَادَتُنَا: أَنَّ كُلَّ قَاعِدَةٍ فِي عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ يُرْجَعُ فِي تَقْرِيرِهَا إِلَى ذَلِكَ الْعِلْمِ، وَنَأْخُذُهَا فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ مُسَلَّمَةً مِنْ ذَلِكَ الْعِلْمِ، وَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِ ذَلِكَ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ، فَنَخْرُجَ عَنْ طَرِيقَةِ التَّفْسِيرِ، كَمَا فَعَلَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن عمر الرَّازِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ خَطِيبِ الرَّيِّ، فَإِنَّهُ جَمَعَ فِي كِتَابِهِ فِي التَّفْسِيرِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً طَوِيلَةً، لَا حَاجَةَ بِهَا فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ. وَلِذَلِكَ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَطَرِّفِينَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا التَّفْسِيرَ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْخُطْبَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ عِلْمُ التَّفْسِيرِ. فَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ فُضُولٌ فِي هَذَا الْعِلْمِ، وَنَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّ النَّحْوِيَّ مَثَلًا يَكُونُ قَدْ شَرَعَ فِي وَضْعِ كِتَابٍ فِي النَّحْوِ، فَشَرَعَ يَتَكَلَّمُ فِي الْأَلِفِ الْمُنْقَلِبَةِ، فَذَكَرَ أَنَّ الْأَلِفَ فِي اللَّهِ، أَهِيَ مُنْقَلِبَةٌ مِنْ يَاءٍ أَوْ وَاوٍ؟ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْكَلَامِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، فِيمَا يَجِبُ لَهُ وَيَجُوزُ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِيلُ.
ثُمَّ اسْتَطْرَدَ إِلَى جَوَازِ إِرْسَالِ الرُّسُلِ مِنْهُ تَعَالَى إِلَى النَّاسِ. ثُمَّ اسْتَطْرَدَ إِلَى أَوْصَافِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى إِعْجَازِ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَصِدْقِ مَا تَضَمَّنَهُ، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ إِلَى أَنَّ مِنْ مَضْمُونِهِ الْبَعْثَ وَالْجَزَاءَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. ثُمَّ الْمُثَابُونَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَنْقَطِعُ نَعِيمُهُمْ، وَالْمُعَاقَبُونَ فِي النَّارِ لَا يَنْقَطِعُ عَذَابُهُمْ. فَبَيْنَا هُوَ فِي عِلْمِهِ يَبْحَثُ فِي الْأَلِفِ الْمُنْقَلِبَةِ، إِذَا هُوَ يَتَكَلَّمُ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَمَنْ هَذَا سَبِيلُهُ فِي الْعِلْمِ، فَهُوَ مِنَ التَّخْلِيطِ

[1] سورة السجدة: 32/ 17.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 547
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست