responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 546
عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، فَهُمْ يَوَدُّونَ انْتِفَاءَ ذَلِكَ عَنِ الْمُؤْمِنِينِ، سَبْعَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا الْآخِرُ. وَسَبَبُ عَدَمِ وِدِّهِمْ ذَلِكَ: أَمَّا فِي الْيَهُودِ، فَلِكَوْنِ النُّبُوَّةِ كَانَتْ فِي بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَلِخَوْفِهِمْ عَلَى رِئَاسَتِهِمْ، وَأَمَّا النَّصَارَى، فَلِتَكْذِيبِهِمْ فِي ادِّعَائِهِمْ أُلُوهِيَّةَ عِيسَى، وَأَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ، وَلِخَوْفِهِمْ عَلَى رِئَاسَتِهِمْ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ، فَلِسَبِّ آلِهَتِهِمْ وَتَسْفِيهِ أَحْلَامِهِمْ، وَلِحَسَدِهِمْ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَخْتَصُّ بِالرِّسَالَةِ، وَاتِّبَاعِ النَّاسِ لَهُ.
وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ: أَيْ يُفْرِدُ بِهَا، وَضِدُّ الِاخْتِصَاصِ: الِاشْتِرَاكُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَخْتَصُّ هُنَا لَازِمًا، أَيْ يَنْفَرِدُ، أَوْ مُتَعَدِّيًا، أَيْ يُفْرِدُ، إِذِ الْفِعْلُ يَأْتِي كَذَلِكَ. يُقَالُ: اختصّ زيد بِكَذَا، وَاخْتَصَصْتُهُ بِهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ هُنَا تَعَدِّيهِ، كَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ، إِذْ يَصِحُّ، وَاللَّهُ يُفْرِدُ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، فَيَكُونُ مَنْ فَاعِلَةً، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ: خَصَصْتُ زَيْدًا بِكَذَا. فَإِذَا كَانَ لَازِمًا، كَانَ لِفِعْلِ الْفَاعِلِ بِنَفْسِهِ نَحْوُ: اضْطُرِرْتُ، وَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، كَانَ مُوَافِقًا لِفِعْلِ الْمُجَرَّدِ نَحْوُ: كَسَبَ زَيْدٌ مَالًا، وَاكْتَسَبَ زَيْدٌ مَالًا. وَالرَّحْمَةُ هُنَا عَامَّةٌ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا أَوِ
النُّبُوَّةُ وَالْحِكْمَةُ وَالنُّصْرَةُ، اخْتُصَّ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَهُ عَلِيٌّ وَالْبَاقِرُ
وَمُجَاهِدٌ وَالزَّجَّاجُ أَوِ الْإِسْلَامُ، قَالَهُ ابْنُ عباس أو الْقُرْآنُ، أَوِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [1] ، وهو نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، أَقْوَالٌ خَمْسَةٌ، أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ.
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذُو بِمَعْنَى صَاحِبٍ. وَذِكْرُ جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ ذُو، وَالْوَصْفُ بِذُو، أَشْرَفُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْوَصْفِ بِصَاحِبٍ، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ ذُو أَبَدًا لَا تَكُونُ إِلَّا مُضَافَةً لِاسْمٍ، فَمَدْلُولُهَا أَشْرَفُ. وَلِذَلِكَ جَاءَ ذُو رُعَيْنٍ، وَذُو يَزَنَ، وَذُو الْكُلَاعِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا بِصَاحِبِ رُعَيْنٍ، وَلَا صَاحِبِ يَزَنَ وَنَحْوِهَا. وَامْتُنِعَ أَنْ يَقُولَ فِي صَحَابِيٍّ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ جَابِرٍ: ذُو رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَازَ أَنْ يَقُولَ: صَاحِبُ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلِذَلِكَ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ: ذُو الْجَلالِ [2] ، ذُو الْفَضْلِ، وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً [3] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ [4] ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [5] ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ هُنَا: جَمِيعُ أَنْوَاعِ التَّفَضُّلَاتِ، فَتَكُونَ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَعِظَمِهِ مِنْ جِهَةِ سِعَتِهِ وَكَثْرَتِهِ، أَوْ فَضْلِ النُّبُوَّةِ. وَقَدْ وَصَفَ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْعِظَمِ فِي قَوْلِهِ: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
«6» ، أَوِ الشَّرِيعَةُ، فَعَظَّمَهَا مِنْ جِهَةِ بيان

[1] سورة الأنبياء: 21/ 107.
[2] سورة الرحمن: 55/ 57.
[3] سورة الأنبياء: 21/ 87.
[4] سورة القلم: 68/ 48.
[5] سورة البقرة: 2/ 105. [.....]
(6) سورة النساء: 4/ 113.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 546
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست