نام کتاب : إعراب القرآن الكريم وبيانه نویسنده : الدرويش، محيي الدين جلد : 3 صفحه : 55
العزيز الحكيم» فن من فنون البلاغة ، منقطع النظير ، صعب الإدراك ، يحتاج
المتأمل فيه الى الكثير من رهافة الحسّ ، وشعوف الطبع ، ويسمى فن التخيير. وحدّده
علماء البلاغة بأن يأتي الشاعر أو الناثر بفصل من الكلام أو بيت من الشعر يسوغ أن
يقفّى بقواف شتى فيتخير منها قافية مرجحة على سائرها ، ويستدل بإيثاره إياها على
حسن اختياره وصدق حسه ، وقد تقضي البداهة الأولى بأن تكون غير ما اختاره ، ولكنه
عزف عن ذلك لسرّ دقيق كقول أحدهم :
إنّ الغريب
الطويل الذيل ممتهن
فكيف حال
غريب ما له قوت
فإنه يسوغ أن
يقول : ما له نشب ، أو ما له سيد ، أو ما له أحد.
وإذا نظرت الى
ما قاله وهو : «ماله قوت» وجدتها أبلغ من الجميع ، وأدلّ على الفاقة والعوز ،
وأمسّ بذكر الحاجة ، وأشجى للقلوب ، وأدعى للاستعطاف. فذلك رجحت على ما سواها.
القول في الآية :
ونعود بعد هذا
التعريف السريع لهذا الفن الى الآية التي نحن بصددها فنقول : إن البداهة البدائية
تقضي بأن تكون الفاصلة :«إنك أنت الغفور الرحيم» لملاءمتها لقوله : «إن تغفر»
ولمناسبته ما بين الغفران والغفور ، ولكنّ هذا الوهم الناجم عن هذه البداهة سرعان
ما يزول أثره عند ما يذكر المتوهم أن هؤلاء قد استحقوا العذاب دون الغفران ، فيجب
أن تكون الفاصلة : «العزيز الحكيم» إذ لو
نام کتاب : إعراب القرآن الكريم وبيانه نویسنده : الدرويش، محيي الدين جلد : 3 صفحه : 55