نام کتاب : نشوار المحاضرة و أخبار المذاكرة نویسنده : التنوخي، محمد بن علي جلد : 2 صفحه : 13
ينفرد عنه، و ورد بالكتاب، خادم كبير من خدم السلطان.
فأنفذ الرخّجيّ إلى القاضي، فأعلمه، و قال: يصير إلى ديوان الخراج لنجتمع فيه على امتثال الأمر.
فقال القاضي: و لكن تصير أنت إلى الجامع، فنجتمع فيه، و تردّد الكلام بينهما، إلى أن قال الرخّجيّ للخادم: ارجع إلى حضرة أمير المؤمنين، و اذكر القصّة، و إنّ قاضيه يريد إيقاف ما أمر به.
و بلغه الخبر، فركب محمد بن منصور، إلى الديوان، و معه شهوده، فدخله، و الرخجيّ فيه في دست، و كتّابه بين يديه، فلما بصروا به، قاموا إليه، إلاّ الرخّجيّ.
فعدل القاضي عن موضعه في الديوان، فجلس في آخر البساط، بعد أن أمر غلامه، فطوى البساط، و جلس على البارية [1] ، و حفّ شهوده به، و جاء الخادم، فجلس عند القاضي، و أوقفه على الكتاب.
و لم يزل الرخّجيّ، يخاطب [2] القاضي، و بينهما مسافة، حتى فرغوا من الأمر.
فلما فرغوا، قال الرخّجيّ، للقاضي: يا أبا جعفر، ما هذه الجبريّة [3] ؟ لا تزال تتولّع بي، و تتحكّك بمنافرتي و مضاهاتي، و تقدّر أنّك عند الخليفة-أطال اللّه بقاءه-مثلي، و محلّك يوازي محلّي.
قال: و أسرف في هذا الجنس من الفنّ، و حمي في الخطاب، و القاضي ساكت.
إلى أن قال الرخّجيّ، في جملة الكلام: و الخليفة-أعزّ اللّه نصره-
[1] البارية: الحصير المصنوع من القصب، و لم يزل هذا اسمها في بغداد.