شكوى بخل المحبوب
قال شاعر:
لقد بخلت حتّى لو أنّي سألتها # قذى العين من سافي التّراب لضنّت
كأنّي أنادي صخرة حين أعرضت # من الصمّ لو تمشي بها العصم زلّت [1]
و إنّي و تهيامي بعزّة بعد ما # تخلّيت ممّا بيننا و تخلّت
لكالمبتغي ظلّ الغمامة كلّما # تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت
و قال البحتري:
ألف الصدود فلو يمرّ خياله # بالصبّ في سنة الكرى ما سلّما
التلوّن بما يسلي المحب
تمثل شريح لامرأته بقول مالك بن أسماء:
خذي العفو منّي تستديمي مودّتي # و لا تنطقي في سورة حين أغضب [2]
فأنّي رأيت الحبّ في الصّدر و الأذى # إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب
و قال:
يراك و يهوى من يقلّ خلافه # و ليس بمحبوب حبيب يخالف
التواء المحبوب على محبّه و مخالفته له في أحواله
شكوت فقالت كلّ هذا تبرّما # بحبّي أراح اللّه قلبك من حبّي
فلمّا كتمت الحبّ قالت لشدّ ما # صبرت و ما هذا بفعل شجيّ القلب
و أدنو فتقصيني فأبعد طالبا # رضاها فتعتدّ التباعد من ذنبي
فشكواي يؤذيها و صبري يئودها # و تجزع من بعدي و تنفر من قربي [3]
إن التي عذّبتني في محبّتها # كلّ العذاب فما أبقت و ما تركت
عاتبتها فبكت فاستعبرت جزعا # عيني فلما رأتني باكيا ضحكت
فعدت أضحك مسرورا بضحكتها # منّي فلمّا رأتني قد ضحكت بكت
تهوى خلافي كما حثّت براكبها # يوما قلوص فلمّا حثّها بركت [4]
[1] زلّت: وقعت.
[2] السورة: الحدّة و الغضب-تستديمي المودّة: تجعليها دائمة و مستمرة.
[3] يئودها: يعطفها و يحنيها يقال: آده أثقله، و آد العود عطفه و حناه-تجزع: تخاف.
[4] القلوص: الناقة السريعة.