كأن الأفق جاحم كمبرقين # فما لم يحترق منه يذوب
و سئل بعضهم: كيف كان الهواء البارحة؟قال: مات و لم يكن له نفس. و قال:
سدت الرياح فانسدت طرق الأرواح.
قال مضرس:
و يوم كأن الشعريين بكفّه # يدا طابخ حثّ الوقود فألهبا
و قال آخر:
تراه كأنّ الشمس فيه مقيمة # على البيد لم تعرف سوى البيد مذهبا
و قال:
و ليل من الشعرى يذوب لعابه # أفاعيه من رمضائه تتململ [1]
و ليل كتنّور الإماء سجرنه # و ألقين فيه الجزل حتى تضرّما [2]
و قال نهشل بن جرى:
و يوم كأن المصطلين بحرّه # و إن لم يكن جمر قعود على الجمر [3]
و يقال: اصطلى فلان بوديقة [4] فشمله رقب جمر و مسه أو ثاجر [5] .
و في وصف السموم
قال شاعر:
سموم يكاد الجلد منها إذا بدا # لها الجلد من تحت الثياب يذوب
و قال الصاحب:
نحن و اللّه من هوائك يا جر # جان في خطّة و خطب شديد
حرّها ينضح الجلود فإن هبّ # ت شمال تكدّرت بركود
كحبيب مهاجر كلّما # همّ بوصل أحاله بصدود
الهاجرة
[6]
و هاجرة يشوي هواء سمومها # طبخت بها عيرانة فاشتويتها
[1] الرمضاء: شدة الحر.
[2] سجرته: أشعلته و أذكت ناره-الجزل: غليظ الحطب-تضرّم: استعرت ناره.
[3] المصطلي: المستدفئ بالنار.
[4] الوديقة: شدّة الحر-الرقب: الجزء العلويّ من العود.
[5] الثاجر: من الثجر و هو الورق الغليظ العريض.
[6] الهاجرة: شدّة الحرّ في وسط النهار.