نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 555
كأنّك قائم فيهم خطيبا # و كلّهم قيام للصّلاة
مددت يديك نحوهم اتقاء # كمدّكها إليهم بالهبات
و لما ضاق بطن الأرض عن أن # يضمّ علاك من بعد الممات
أصاروا الجوّ قبرك و استعاضوا # من الأكفان ثوب السّافيات [1]
لعظمك في النفوس تبيت ترعى # بحرّاس و حفاظ ثقات
و تمام ذلك مذكور في كتاب الأحداق
مرثية المغني متعاطي اللهو و الشرب
قال دعبل في الموصلي:
سيبكي البم من جزع عليه # و تبكيه المثالث و المثاني [2]
و تثكله القيان و حافظوها # و ينعاه الزقاق إلى الدّنان
و قال آخر:
فليبكها الخمر إذ ماتت منائحها # و ليبكه الرخّ و الفرزان و الشاه [3]
و كان لخلاّد بن معزوه صديق، فلما مات خلاد جاء صديقه معزيّا فأقام على قبره برهة يكثر البكاء عليه، فعوتب على كثرة بكائه، فقال: كيف لا أتوجع على رجل ما أدخلنا مؤاجرا قط إلاّ قال لي تقدّم أبدا فإن قوي لي و إلاّ قوّاه و راضه. و من مليح المراثي قال ابن الرومي في بستان المغنية:
بستان أسقيت من مدامعنا # لا من سواري الغيوث و المطر
بل حقّ صهباك أن تكون من الـ # صهباء صهباء حمص أو هجر
بل من رحيق الجنان يختم بالمسـ # ك سلافاته بلا عكر [4]
بل من نجيع القلوب يمزج بالعط # ف و صفو الوداد لا الكدر [5]
موت شرّير
قيل: إذا مات الخيّر استراح من الدنيا، و إذا مات الشرير استراحت منه الدنيا، و قال الحسن بن أيوب:
مات يحيى فمات شرّ كثير # و لقد كان شرّه يستطير
إن موت الأشرار فتح عظيم # و غياث و نعمة و سرور
[1] أصاروا: حوّلوا و أمالوا-السافيات: من الرياح التي تحمل التراب و تنثره.
[2] البم: أغلظ أوتار العود-المثاني و المثالث: من أوتار العود.
[3] الرخّ: الشراب الممزوج بالماء و غيره-الفرزان و الشاه: الملكة و الملك من أحجار الشطرنج.