نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 554
مرثية ضال
قال أعرابي يرثي أخا له ضلّ:
فلو أنه إذا جاءه الدهر عاديا # أتيح له موت و غيّبه قبر
إذا لصبّرت النفس ثم احتسبته # و في الصّبر لي حسن المثوبة و الأجر
و لكن طوت عنّي المقادير علمه # فما لي به لمّا تناءى شخصه خبر
أموت فيسلى أم حياة فيرتجى # أبرّ أتى من دون مثواه أم بحر
و قال آخر:
رمى بصدور العيس مخترق الصّبا # فلم يدر خلق بعدها أين يمّنا
و سنان بن حارثة استهوته الجن فزعمت العرب أنها استفلحته الجن طلبا لكرم نجله و قارظ عنزة ممّن فقد. و قيل: إنه خرج مع خزيمة بن مالك و كان خزيمة يهوى ابنته، فانتهيا إلى بئر فيها معسل، فأرسله خزيمة. فلما قال: أجذبني قال: لا أفعل أو تزوّجني ابنتك. فقال: أخرجني لأزوجك فأما على هذه الحالة فلا، فقال: لا أفعل و تركه. و به ضرب المثل الشاعر بقوله:
و حتّى يئوب القارظان كلاهما # و ينشر في القتلى كليب لوائل
مرثية مصلوب
قال الرقاشي: كنت من صنائع البرامكة فلما صلب جعفر أردت أن أبكي عليه إذا انتهيت إليه، فلم يمكنّي من حوله فمررت يوما و الدنيا خالية فبكيت، و قلت:
أما و اللّه لو لا خوف واش # و عين للخليفة لا تنام
لطفنا حول جذعك و استلمنا # كما للنّاس للركن استلام [2]
فلما دخلت على الرشيد قال: إيه، أما و اللّه لو لا خوف واش، فانتفضت و قلت: ما أحسب إلا الجن تأتيك بالأخبار. و لأبي الحسن بن الأنباري في أبي طاهر بن بقية أبيات متناهية في هذا المعنى:
علوّ في الحياة و في الممات # فحقّ أنت إحدى المعجزات
كأنّ الناس حولك حين قاموا # وفود نداك أيام الصّلات
[1] القارظ العنزي: هو رهم بن عامر خرج لطلب القرظ فلم يرجع و لا يدري ما كان من خبره فصار مثلا في امتداد الغيبة، أو مثلا للغائب الذي لا يرجى إيابه، و القرظ هو ورق السلم يدبغ به.