نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 530
و قال المتنبّي:
أردّد ويلي لو قضى الويل حاجة # و أكثر لهفي لو شفى غلّة لهف [1]
من مات له عدة بنين فصبر
مات لأنس بن مالك رضي اللّه عنه في طاعون الجارف ثلاثون ابنا، و لعبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما أربعون ابنا، و لعبيد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما ثلاثون ابنا سنة أربع و ستين، و مات لأعرابية ابن و أخ و زوج دفعة، فلم تبك، و قالت:
أفردني ممّن أحبّ الدهر # ثلاثة هم نجوم زهر
فإن جزعت إنّ ذا لعذر # و إن صبرت لا يخيّب الصّبر
و نظر رجل بالبصرة إلى امرأة فقال: ما رأيت مثل هذه النضارة و ما ذاك إلا من قلّة الحزن، فقالت: ما حزن كحزني: ذبح زوجي شاة و لي صبيان يلعبان فقال أحدهما للآخر: تعال أريك كيف ذبح أبي الشاة فذبحه ثم خاف فهرب إلى الجبل فرهقه ذئب فافترسه و خرج زوجي في طلبه، فاشتد عليه الحرّ فمات عطشا فقيل لها: كيف صبرت؟ فقالت: لو وجدت في الحزن دركا ما اخترت عليه.
حثّ الإنسان أن يستعمل من التسلّي عاجلا ما يعود إليه آجلا
عزّى رجل رجلا فقال: إن رأيت أن تقدم ما أخرته الفجوة فتربح نفسك و ترضي ربك. و أصيب ابن المبارك بابن رجل، فدخل عليه مجوسي فقال: إن رأيت أن تفعل اليوم ما يفعله الجاهل بعد خمسة أيام، فقال ابن المبارك: اكتبوا هذا. و عزّى أمير المؤمنين رضي اللّه عنه أشعب فقال: إن صبرت جرى عليك المقدور و أنت مأجور و إن جزعت جرى عليك و أنت موزور.
طول العهد يقتضي التسلّي
اعتكفت فاطمة بنت الحسين على قبر زوجها سنة، فلما أرادت الانصراف سمعت قائلا من جانب البقيع يقول: هل وجدوا ما سلبوا؟فأجابه من الجانب الآخر: بل يئسوا فانقلبوا. و قيل لأم الهيثم: ما أسرع ما سلوت، فقالت: إني فقدت منه سيفا في مضائه و رمحا في استوائه و بدرا في بهائه، و لكن قلت:
قدم العهد و أسلاني الزمن # إن في اللّحد لمسلى و الكفن
و كما تبلى وجوه في الثّرى # فكذا يبلى عليهن الحزن
و قال عمر لمتمم بن نويرة: ما بلغ من حزنك على أخيك؟قال: بكيت عليه حتى ساعدت عيني العوراء الصحيحة. قال: ثم مه. قال: سلوت. و قيل: لم يخلق اللّه شيئا إلا كان صغيرا فكبر إلا المصيبة فإنه خلقها كبيرة فصغرت.