responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 524

و قيل: التأسف على الفائت تضييع وقت ثان إن كنت جازعا لما أفلت منك، فاجزع على ما لم يصل إليك. الحزم التسلي عما لا يغني الغم فيه و الاحتيال لدفع ما يندفع بالحيلة. و قيل لحكيم: الخوف أشدّ أم الحزن؟فقال: الحزن لأن الخوف صار مكروها لما فيه من الحزن، فكما أن السرور غاية كل محبوب فالحزن غاية كل مكروه.

ذهاب الحزن بعد انقضاء المدة

الحزن ينضو عن ابن آدم كما ينضو الصبغ عن الثوب و لو بقي لقتله. قال المتنبي:

و للواجد المكروب من زفراته # سكون عزاء أو سكون لغوب‌ [1]

حقيقة الصبر

قيل: الصبر حبس النفس على المكروه و عما تدعوك إليه. و قيل: الصبر صبران، صبر على المكروه فيما يلزمك فعله و صبر عما يدعوك إليه الهوى. و سمع رجل آخر يقول:

اللّهم ارزقني صبرا، فقال له: ما أراك تسأل اللّه إلا الغم.

الحثّ على دفع النّدب بالصّبر

قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: الصبر ستر من الكروب و عون على الخطوب. أفضل العدّة الصبر على الشدة. و قال أمير المؤمنين كرم اللّه وجهه: الصبر مطيّة لا تكبو، و القناعة سيف لا ينبو. إذا استهدف غرض الهم فارمه بنبال الصبر. و قيل: اجعل صبرك على النوائب كفاء شكرك على المواهب. الصبر عند النقم و الشكر عند النعم.

و قال عمر رضي اللّه عنه: لو كان الصبر و الشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت. الصبر يناضل الحدثان و الجزع من أعوان الزمان. و ما في الشكوى إلا أن تحزن صديقك و تشمت عدوك. و قال أنو شروان: جميع مكاره الدنيا تنقسم إلى قسمين، ضرب فيه حيلة فالاضطراب دواؤه، و ضرب لا حيلة فيه فالاصطبار شفاؤه، و قالت الفرس: كلمتان يقولهما العاقل عند نائبته، إحداهما هذه الحال خير ممّا هو شر منها، و الأخرى لعل اللّه أن يجعل في هذا المكروه خيرا.

و كلمتان يقولهما الجاهل: لعل ما أصابني يدعو إلى شر منه و الأخرى لو كان بدل هذا كذا و كذا من المصيبة، قال شاعر:

و لخير حظّك في المصيبة أن # يلقاك عند نزولها الصبر

الصبر يفضي إلى الفرح و الظفر

الصبر على مرارة العاجل يفضي إلى حلاوة الآجل. إنك لا تنال قليل ما تحب إلا بالصبر على كثير ما تكره. حيلة من لا حيلة له الصبر. قيل: لكل شي‌ء ثمرة و ثمرة الصبر


[1] الواجد: الحزين-اللغوب: الإعياء. أي أن المحزون لا بدّ له من سكون فإن لم يسكن عزاء أعياه الحزن فسكن عجزا.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست