و قال:
ضنى في الهوى كالسمّ في الشهد كامنا # لذذت به جهلا و في لذّتي حتف
و العشق كالمعشوق يعذب قربه # للمبتلي و ينال من حوبائه [1]
لو قلت للدنف الحزين فديته # ممّا به لأغرته بفدائه
التبرّم بالهوى
قال محمّد بن عبد اللّه بن طاهر:
ليت الهوى لم يكن بيني و بينكم # و ليت معرفتي إيّاك لم تكن
و قال البحتري:
رحلوا فأيّة عبرة لم تسكب # أسفا و أيّ عزيمة لم تغلب
لو كنت شاهدنا و ما صنع الهوى # بقلوبنا لحسدت من لم يحبب
التلذّذ بالهوى عند المواصلة و التبرّم به لدى المعارضة
قال الخوارزمي:
و هذا الهوى عيش المحبّ إذا صفا # و لكن إذ لم يصف كان له حتفا
و قال وهب الهمداني:
و لي بين هجران الحبيب و وصله # مصيران موت تارة و نشور [2]
التعبّد للمحبوب و تذليل النفس فيه
قد أجمع الأدباء على تفضيل قول أبي الشّيص:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي # متأخّر عنه و لا متقدّم
أجد الملامة في هواك لذيذة # حبا لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبّهم # إذ كان حظّي منك حظّي منهم
و أهنتني فأهنت نفسي صاغرا # ما من يهون عليك ممّن يكرم
و يستعذب قول المتنبّي حتى ما من أديب إلا و هو يرويه و لا مغن إلا و هو يغنّيه:
يا من يعزّ علينا أن نفارقهم # وجداننا كلّ شيء بعدكم عدم
[1] الحوباء: النّفس، و اللفظة من الحوبة و معناها الحاجة، و النفس موضع الحاجات، و الحوباء الآثمة و هي مؤنث الأحوب.
[2] النشور: العودة إلى الحياة بعد الموت، و أراد بالنشور هنا تجدّد الحياة بعد فراق الأحبّة الذي اعتبره بمثابة الموت.