و لما حضر بشرا الموت فرح، فقيل له: تستبشر بالموت، فقال: أ تجعلون قدومي على خالق أرجوه كمقامي على مخلوق أخافه.
و قال بعضهم: لا يكره الموت إلا مريب.
و سئل فيلسوف عن الموت: فقال هو فزع الأغنياء و شهوة الفقراء، و قال المتنبّي:
نعير حلاوات النفوس قلوبنا # فنختار بعض العيش و هو حمام
و له:
و ما الدهر أهل أن تؤمّل عنده # حياة و أن تشتاق فيه إلى النّسل [2]
و قال آخر:
قد قلت إذ مدحوا الحياة فأسرفوا # في الموت ألف فضيلة لا تعرف
و قال بعضهم: لا يكون الحكيم حكيما حتى يعلم أن الحياة تسترقّه و الموت يعتقه.
و قال الأخطل:
و الناس همّهم الحياة و لا أرى # طول الحياة يزيد غير خبال [3]
و قال الجنيد: من كان حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه فتصعب عليه، و من كان حياته بربّه فإنه ينتقل من حياة الطبع إلى حياة الأصل و هي الحياة على الحقيقة.
من تمنّى الموت
قيل: شر من الموت ما إذا نزل تمنيت الموت لنزوله. و قيل: خير من الحياة ما إذا فقدته أبغضت لفقده الحياة.
قال المهلبيّ:
أ لا موت يباع فأشتريه # فهذا العيش ما لا خير فيه
أ لا رحم المهيمن روح حرّ # تصدّق بالوفاة على أخيه
و قال المتنبّي:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا # و حسب المنايا أن يكن أمانيا