نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 417
الحسين رضي اللّه تعالى عنهم: أطلب ما يعنيك ودع ما لا يعنيك. ففي تركه درك ما يعنيك فإنما تقدم على ما قدمت و لا تقدم على ما أخرت، فآثر ما تلقاه غدا على ما لا تلقاه أبدا. و قيل: الدنيا و الآخرة في قلب المؤمن ككفتي الميزان إذا رجحت هذه خفت هذه. و قال يحيى بن معاذ: الناس ثلاثة، رجل يشغله معاده عن معاشه و تلك درجة العابدين و رجل يشغله معاشه عن معاده و تلك درجة الهالكين و مشتغل بهما و هي درجة المخاطرين. و قيل لعبد اللّه بن إبراهيم من أسخى الناس، فقال: من بذل دنياه في صلاح دينه. و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على اللّه الأماني. و قال رجل: من جعل همه في اللّه هما واحدا جعل اللّه له من كل هم فرجا و من كل ضيق مخرجا و جعل الغنى في قلبه و أتته الدنيا راغمة و من شتت عليه همه شتت اللّه عليه ضيعته و جعل الفقر بين عينيه و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب اللّه له ثم لا يبالي في أي واد هلك.
الحثّ على مراعاة الدين و الدّنيا و مدح فاعل ذلك
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: ليس خيركم من ترك دنياه لآخرته و لا من ترك آخرته لدنياه، و لكن من أخذ منهما جميعا. و كان محمد بن علي يقول: اللهم أعنّي على الدنيا بالغنى و على الآخرة بالتقوى. و قال بعض العلماء: لست آمركم بترك الدنيا فترك الدنيا فضيلة و ترك الذنب فريضة و أنت إلى إقامة الفرائض أحوج منك إلى اكتساب الفضائل. و قيل لعمر بن عبد العزيز: لم لا تنام، قال: إن نمت بالليل أضعت نفسي و إن نمت بالنهار أضعت الرعية. و قالت امرأة:
و للّه مني جانب لا أضيعه # و للهو منّي و الخلاعة جانب
و قال ابن أبي حفصة لعمارة أنشدت المأمون قولي:
أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا # بالدين و الناس بالدنيا مشاغيل
فلم يهتم لذلك، فقال عمارة: ما زدت على أن صيرته عجوزا معتكفة في محرابها، فمن لأمور المسلمين هلاّ قلت كجرير:
فلا هو في الدنيا مضيّع نصيبه # و لا غرض الدنيا عن الدين شاغله
احتمال المضرة في العاجل رجاء المسرّة في الآجل
قال صلّى اللّه عليه و سلّم: لن تنالوا ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون و لا تبلغون ما تهوون إلا بترك ما تشتهون. و قال عليه الصلاة و السلام: حفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات، احتمل مضرّة يومك لمسرّة غدك، العاقل يحتمل الضر في دار الفناء إيقانا بالنفع في دار البقاء. و لما تاب عتبة الغلام كان لا يتهنأ بطعام و لا شراب، فقالت له أمه: أرفق بنفسك، فقال: الرفق أطلب لها.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 417